تعريف الرقابة المالية: (تعريف معهد المراقبين الماليين -أمريكا):ـ
يجب عدم النظر إلى الرقابة المالية كوظيفة محدودة وإنما يجب أن ننظر إليها كنشاط متشعب للغاية متكامل وتندمج فيه وظائف الإدارة ووظائف المحاسبة للتأكد من أن ما يجب عمله قدتم تنفيذه فعلا وتبيان مواطن القصور ومواطن الخطوات المصححة المناسبة ـ
ولا شك أن أفضل وسيلة نحو بناء إطار متكامل للرقابة المالية هي وضع وصياغة مجموعة من الأسس العلمية تساهم في توضيح مفهوم الرقابة المالية وتبين العناصر الأساسية التي تتكون منها ووظائفها الرئيسية والأساليب التي تستخدم في تحقيق الرقابة المالية الفعالة ويمكن تحديد هذه المجموعة من الأسس والأساليب التي تستخدم في تحقيق الرقابة المالية الفعالة ويمكن تحديد هذه المجموعة من الأسس على النحو التالي:ـ
ـ 1 ـ تخطيط إستراتيجي وتخطيطي ـ
ـ 2 ـ خطة تنظيمية ـ
ـ 3 ـ معايير عادلة ومؤشرات سليمة لقياس وتقييم الأداء ـ
ـ 4 ـ مجموعة من التقارير يتم إعدادها بصورة منتظمة حسب خطوط السلطة و المسئولية ـ
ـ 5 ـ الإدارة بالاستثناء ـ
ـ 6 ـ مجموعة شاملة من النظم والأساليب المحاسبية والإدارية ـ
ـ 7 ـ اتخاذ الخطوات المصححة المناسبة ـ
ـ 8 ـ المتابعة والتغذية المرتدة بالمعلومات ـ
ـ 9 ـ الاعتدال في عملية الرقابة ـ
ـ 10 ـ مراعاة الجوانب السلوكية للرقابة المالية ـ
وفيما يلي توضيح لكل من هذه الأسس:ـ
التخطيط الإستراتيجي:ـ
يعتبر كل من التخطيط الإستراتيجي و التخطيط التكنيكي ضرورة حتمية لتحقيق الرقابة المالية السليمة لأنه يضع مستقبل المنشاة على طريق مرسوم بدلا من أن تكون التصرفات مجرد رد فعل للأحداث ـ
و التخطيط الإستراتيجي هو بطبيعته تخطيط طويل الأجل يمتد لسنوات طويلة قادمة و يختص بالسياسة العامة للمنشاة و يتناول العوامل الرئيسية الهامة مثل الأسواق الحالية و الجديدة و الموارد المالية والبشرية و الخامات والابتكار و التقدم التكنولوجي و العائد المخطط على الاستثمارات والمنافسة. كما يتطلب هذا التخطيط تحليلا متعمقا للمناخ السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ـ
ونظرا لان التخطيط الإستراتيجي يكون في صورة خطوط عريضة و أهداف عامة يكون من الضروري تعضيد الخطة الإستراتيجية بخطة تكنيكية تنبع منها وتتناول التفاصيل الخاصة ببرامج المنشاة في مجال التنظيم والتسويق و الإنتاج و تنمية الموارد وتخطيط العمليات ـ
وعلى الرغم من أن التخطيط الإستراتيجي و التخطيط التكنيكي مسئولية الإدارة العليا في المقام الأول إلا أن وضع خطة إستراتيجية وخطة تكنيكية يتطلب بالضرورة توفي نظام لتجميع البيانات الهامة وترجمة هذه البيانات في صورة مالية . وهنا يظهر مرة أخرى أهمية التكامل و الاندماج بين وظائف الإدارة ووظائف المحاسبة في مجال الرقابة ـ
الخطط التنظيمية:ـ
تمثل الخطة التنظيمية مقوم أساسي من مقومات إعداد و تنفيذ أي نظام فعال للرقابة المالية، نظرا لان الخطة التنظيمية تبين بوضوح خطوط السلطة و المسئولية و قنوات الاتصال ونطاق الإشراف وعدد المستويات الإدارية و الإطار العام لتقسيم وتحديد الوظائف وتوصيفها و أسس التنسيق بينها ـ
ويجب أن تتضمن الخطة التنظيمية دليل تنظيمي يحتوي على توصيف كامل ودقيق للسلطات و المسئوليات ويبين بوضوح قنوات الاتصال و تسلسل خطوات العمل وتوزيعه بين المستويات الإدارية المختلفة ـ
و عندما وضع معهد المحاسبين بالولايات المتحدة الأمريكية تعريفه للرقابة الداخلية ،كانت البداية في هذا التعريف هي الخطة التنظيمية حيث عرف المعهد الرقابة الداخلية كما يلي :ـ
الرقابة الداخلية تشمل الخطة التنظيمية و جميع الطرق و المقاييس المنسقة التي تتبناها المنشأة لحماية أصولها ، و مراجعة دقة البيانات المحاسبية و مدى إمكان الاعتماد عليها ، و النهوض بالكفاية الإنتاجية ، وتشجيع الموظفين على الالتزام الإدارية ـ
و يرجع الاهتمام بالخطة التنظيمية في تعريف معهد المحاسبين الأمريكي و إعطائها مكان الصدارة إلى أهمية الفصل بين الوظائف الثلاث التالية :ـ
ـ أ ـ وظيفة تنفيذ العمليات أو ترخيص بها أو الموافقة عليها و اعتمادها ـ
ـ ب ـ وظيفة المحاسبة و التسجيل في الدفتر ـ
ـ ج ـ وظيفة الاحتفاظ بالأصول كعهدة و ذلك عند تصميم نظم سليم للرقابة الداخلية ـ
كما يتم التركيز بالنسبة للخطة التنظيمية على تحديد جميع الواجبات و تحديد خطوط السلطة و المسئولية و توصيف الاختصاصات لكل منصب و تبيان قنوات الاتصال بوضوح و كذلك نطاق الإشراف بمعنى أن التركيز هنا عام و شامل و لا يقتصر على زاوية تنظيمية محدودة و إنما بنصب على الهيكل التنظيمي بأكمله ، حيث أن النظام السليم للرقبة المالية يقوم على أساس محاسبة كل مستوى من المستويات المسئولية داخل المنشأة من أدنى مستوى إلى أعلى مستوى ، كما أنه يتم تصميم تقارير الرقابة المالية وفقا لخطوط السلطة و المسئولية بحيث تكون متطابقة تماما مع الهيكل التنظيمي للمنشأة و تجسد بصورة عملية قنوات الاتصال المحدودة ، وتترجم نطاق الإشراف و المسئولية في صورة رقمية ـ
وفي بعض المنشآت يكون هناك أكثر من وضع تنظيمي واحد خطة تنظيمية رسمية موجودة أسما على الورق و لا تتبع فعلا ، و تنظيم شبه رسمي ينطوي على تعديلات على الخطة الرسمية و لكن التعديلات غير معتمدة ، و تنظيم هو المطبق فعلا و يمكن بمتابعة الاتصالات اليومية الفعلية ودراسة المستويات التي تتخذ فيها القرارات الفعلية و لا شك أن الوضع شائك للغاية من نظام الرقابة و يشكل صعوبات أمام المحاسب ، ومن الضروري أن يكون هناك وضع تنظيمي واحد بحيث تصبح الخطة التنظيمية الرسمية مطابقة تماما للتنظيم القائم فعلا ـ
ومما لا شك فيه أن وضع الخطة التنظيمية للمنشأة عملية إدارية و لكن لغرض تحقيق رقابة مالية فعالة يجب أن تندمج مع هذه العملية أو تكملها عملية محاسبية هامة هي عملية وضع للمعلومات يكون مطابقا تماما للخطة التنظيمية و لا شك أم هذه النقطة تبرز و تؤكد تكامل و اندماج وظائف المحاسبية و الإدارة في مجال الرقابة المالية ـ
معايير قياس و تقييم الأداء:ـ
لقد أصبحت إحدى السمات الرئيسية التي تميز حياتنا بصفة عامة و العصر الذي نعيش فيه بصفة خاصة هي "النسبية " فلا توجد أشياء مطلقة بالمرة ، و بالتالي لا يمكن الحكم على الأداء بأنه ممتاز أو حيد أو متوسط أو ضعيف إلا بالمقارنة بمقياس معين ، فإذا رسمنا خط طويل معين و طلبنا من أحد الأشخاص الحكم على طول هذا الخط فانه حتى تكون إجابة هذا الشخص سليمة يجب أن يقوم بمقارنة هذا الخط مع خط آخر . كذلك الحال بالنسبة للأداء ، لا يمكن الحكم عليه إلا بالمقارنة مع نمط أو معيار أو مؤشر أو أي مقياس آخر مناسب. و المقارنات المتاحة هنا تشمل :ـ
ـ 1 ـ مقارنة الأداء الحالي بالأداء السابق لنفس الفرد ـ
ـ 2 ـ مقرنة الداء الحالي لفرد بأداء فرد آخر يقوم بعمل مماثل و في ظروف مماثلة ـ
ـ 3 ـ مقارنة الأداء الفعلي بالأداء المحدد مقدما أو الأداء المستهدف ـ
ـ 4 ـ مقارنة الأداء الفعلي بالمعايير ـ
ويفيد النوع الأول من المقارنات في اكتشاف اتجاهات مستوى الأداء خلال الفترة الزمنية محل المقارنة ، ولكن هذه المقارنات يشوبها اختلاف الظروف في كل فترة ـ
و يمكن عن طريق النوع الثاني من المقارنات وضع ترتيب تفاضلي لأداء العاملين بنفس المنشأة أ, الحكم على مستوى أداء العاملين بالمنشاة بالمقارنة مع مستوى أداء العاملين في المنشآت المماثلة ، و لكن هذا النوع من المقارنات يكون عادة بصورة إجمالية و يفيد في إعطاء مؤشر عام عن مستوى الأداء و لكن يمكن معه القيام بدراسة تحليلية تفصيلية للتعرف على نواحي الضعف و نواحي القوة و الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض مستوى الأداء ـ
و يعتب النوع الثالث من المقارنات وسيلة مرضية للحكم على مستوى الأداء حيث يتم تحديد الأداء المستهدف في ضوء الظروف المتوقعة و بالتالي فان الأرقام قابلة للمقارنة ـ
ويعتبر النوع الأخير من المقارنات أفضل وسيلة متاحة للحكم على كفاءة الأداء فضلا انه يتم مقارنة الأداء الفعلي بالمعايير التي يتم تحديدها في ضوء الظروف المتوقعة فان الصفات التي تتصف بها المعايير تجعل هذه المقارنة لها دلالتها ومغزاها ، فقبل وضع المعايير يتم توصيف المنتج توصيفا كاملا و دقيقا كما يتم تحديد افضل طريقة للأداء في ضوء التخطيط الداخلي لأماكن العمل و مستوى التجهيزات داخل مكان العمل ووسائل لنقل و المناولة بالإضافة إلى توفير جميع التعليمات اللازمة للقائمين بالعمل سواء في شكل تدريبات مسبقة أو تعليمات بالنسبة لكل عملية ، فضلا عن أن استخدام الطريقة العملية يجعل المعايير دقيقة نسبيا ، و من ثم فانه لا يمكن الاحتجاج بأن مقياس الأداء غير سليم ـ
وعندما يتم وضع المعايير على أساس ظروف و طرق من المرغوب تحقيقها فان الفرق بين الأداء الفعلي و المعيار يصبح قرينه على تغير حقيقي في الكفاية و كما أنه في غياب مواصفات محددة عن الطرق التي تستخدم في أداء العمليات المختلفة و ما يجب أن تكون عليه الظروف المحيطة يجعل من الصعب تحديد السبب وراء تغيرات أو انحرافات الأداء الفعلي عن الأداء المعياري و بالإضافة إلى ذلك قد يكون من المستحيل تقرير ما إذا كانت الظروف السائدة مثل حالة مرغوبا فيها أم لا ـ
تصميم التقارير وفقا لخطوط السلطة و المسئولية :ـ
من الأهمية بمكان تصميم نظام التقارير بالمنشأة وفقا لخطوط السلطة و المسئولية ، فلو فرضنا أن هناك ثلاث مستويات عن النشاط التسويقي بالمنشأة هي :ـ
ـ 1 ـ مستوى المدير العام ـ
ـ 2 ـ مستوى مدير المنطقة ـ
ـ 3 ـ مستوى مدير الفرع ـ
فيجب أن يتم إعداد التقارير عن النشط التسويقي بحسب المسئولة لكل مستوى من هذه المستويات كما يتضح من الشكل التالي :ـ
|
|
ومن الواضح انه كلما صعدنا إلى أعلى في سلم التنظيم الإداري كلما زاد نطق المسئولية و بالعكس كلما هبطنا إلى أدنى سلم التنظيم الإداري هذا التسلسل للمسئولية . فليس معنى اتساع النطاق المسئولية كلما صعدنا إلى أعلى في مستوى سلم التنظيم الإداري إغراق المستويات الإدارية العليا بالأرقام . و لهذا السبب فأن الأرقان التي تبينها التقارير المرفوعة للمستويات الإدارية العليا تعرض في صورة إجمالية . و يمكن القول بأننا كلما صعدنا إلى أعلى في السلم التنظيمي كلما زاد نطاق المسئولية و قلت التفاصيل ، على أن ذلك لا يعني حجب التفاصيل عن المستويات الإدارية العليا إذا انه يكون بمقدور هذه المستويات دائما الاطلاع على صور التقارير المقدمة للمستويات الإدارية الأدنى وفقا لخطوط السلطة و المسئولية ـ
الإدارة بالاستثناء :ـ
الإدارة بالاستثناء في أبسط صورها هي نظام للتنبيه و الاتصال يرسل إشارات إلى المدير عندما تكومن هناك حاجة لتنبيه و بالعكس يبقى ساكنا عندما تكون هناك حاجة لجذب اهتمامه. ويمكن ست جوانب لنظام الإدارة بالاستثناء على النحو التالي :ـ
ـ 1 ـ جانب القياس : حيث يتم الأداء في الماضي و الحاضر و حصر الموارد و الطاقات و الإمكانيات و تجميع و تقييم الحقائق بالنسبة لموقف العمليات ككل ـ
ـ 2 ـ جانب التنبؤ: حيث يتم استخدام بيانات الماضي و الحاضر للتنبؤ بالأحوال في المستقبل و تحديد الأهداف و أعداد الخطط و برامج العمل و مراجعة الهياكل التنظيمية ـ
ـ 3 ـ جانب الاختيار: حيث يتم اختيار المقاييس الرئيسية التي تبنى على أسس اقتصادية و تعكس بأفضل صورة ممكنة تقدم في تحقيق أهدافه ـ
ـ 4 ـ جانب الملاحظة : حيث يتم ملاحظة و قياس نتائج الأداء الفعلي و استخراج المؤشرات الهامة بصفة دورية ـ
ـ 5 ـ جانب المقارنة : حيث يتم مقارنة الأداء الفعلي مع الأداء المتوقع حتى يمكن تحديد استثناءات و تحليل الأسباب التي أدت إليها و إعداد التقارير و رفعها إلى المستويات المختلفة في الحالات التي تتطلب اتخاذ خطوات معينة ـ
ـ 6 ـ جانب اتخاذ موقف أو إجراء : حيث يتم متابعة و علاج الحالات و الاستثنائية عن طريق اتخاذ إجراءات مصححة ـ
نظم و أساليب محاسبية و إدارية :ـ
و بالرغم من أن النظام المحاسبي يمثل القناة الرئيسية و الهيكل الأساسي للمعلومات فانه لا يعتبر الأسلوب أو النظام الوحيد ، فقد تم اكتشاف أساليب أخرى بعضها ظهر جزئيا ضمن حركة الإدارة العلمية في نهاية القرن التاسع عشر ، إلا أن وجودها لم يبدو واضحا إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و على وجه التحديد في الخمسينات مكن هذا القرن . ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:ـ
ـ 1 ـ نسب التحليل المالي و المحاسبي ـ
ـ 2 ـ نظم محاسبة التكاليف الفعلية و المحددة مقدما ـ
ـ 3 ـ الموازنات الثابتة و المرنة ـ
ـ 4 ـ تحليل العلاقة بين التكلفة / الحجم / الربح ـ
ـ 5 ـ تحليل الفرق بين النتائج الفعلية و المحددة مقدما ـ
ـ 6 ـ التقارير الرقابية ـ
ـ 7 ـ التكاليف الحدية ـ
ـ 8 ـ مؤشرات تقييم الأداء الداخلي ـ
ـ 9 ـ أساليب التحليل الإحصائي و العينات ـ
وجميع هذه الأساليب تستخدم الآن بصورة نشطة في المحاسبة الإدارية كجزء من النظام المحاسبي أو كوسيلة لترجمة و تفسير البيانات التي يتضمنها هذا النظام ـ
الخطوات المصححة:ـ
لا يكمل الرقابة المالية إلا باتخاذ خطوات مصححة . فالأساس في الرقابة المالية هو تنظيم و عرض المعلومات حتى يمكن للمديرين أن يقرروا مجال التحرك أو اتخاذ قرا بسرعة ـ
وفي مجال اتخاذ الخطوات المصححة للمعالجة الانحرافات ، يقوم القرار النهائي على أساس المفاضلة بين البدائل التالية :ـ
ـ 1 ـ عدم التحرك حتى يتم مراجعة النظام القياس ملاحظة التقرير . و في هذا المجال التمييز بوضوح بين الانحرافات من الموازنة الناشئة عن تغيرات في كفاية الأداء ، و تلك التي ترجع إلى عدم واقعية الموازنة نفسها . و عند التشخيص يجب أن تراجع الإدارة قياساتها و أن تعطى بعض التفكير إلى مدى صحة التنبؤات الأصلية ـ
ـ 2 ـ الانتظار لفترة محدودة فقد يصحح الوضع نفسه بصورة تلقائية أو ذاتية ـ
ـ 3 ـ وضع معايير الأداء جديدة ـ
ـ 4 ـ اتباع سلسة من الخطوات المصححة المخططة مسبقا و التي يتم ترتيبها بحسب درجة انحراف و استمراره ـ
ـ 5 ـ الحصول على استشارة خارجية موضوعية ذات كفاءة عالية ـ
ـ 6 ـ التحرك في اتجاه جديد تماما غير مخطط على أساس إعادة تقييم الموقف من أساسه يتبعه تفكير خلاق منطقي ـ
المتابعة و التغذية المرتدة بالمعلومات :ـ
تبدو الحاجة واضحة للمتابعة و التغذية المرتدة بالمعلومات حينما يؤدى الموقف إلى اتخاذ قرار يؤثر بدوره على المجال الأصلي فعندما يشعر الإنسان أنه قد يسقط على الأرض يقوم بتصحيح توازنه و من ثم يستطيع يقف معتدلا . و في مجال الأعمال عندما توضح المنافسة الحاجة إلى تطوير المنتجات تبدأ الأبحاث و يتم الإنفاق على التطوير الذي يؤدي إلى تغيرات تكنولوجية . وفي مجال الرقابة المالية يؤثر مبدأ التغذية المرتدة بالمعلومات و يتكون لدينا الشكل التالي:ـ
مخرجات ---
|
| --- مدخلات |
والوقع أن التصرف اليومي للإدارة في معظم الأحوال عبارة عن رد فعل والاستجابة لمعلومات يعاد تغذية الإدارة بها عن نتائج قرارها السابقة. ومن الأمثلة الواضحة على مبدأ المتابعة و التغذية المرتدة بالمعلومات أسلوب الرقابة باستخدام الموازنة حيث توضع خطة و يتم تنفيذها بستفاد من نتائج التنفيذ و المتبعة في وضع الخطة الجديدة و هكذا . و تبدو الأهمية الأساسية لعمليات المتابعة المستمرة و المراجعة بعد التنفيذ في التبصير بنواحي القوى و الضعف في تحديد الأهداف، و التنبؤ ، ووضع الخطة الاستراتيجية ، و قياس عبء العمل ووضع المعايير ، بما يضمن أن تؤدي عملية إعادة التغذية المستمرة بالمعلومات بالضرورة في النهاية إلى تحسين و ترشيد هذه الخطوات ـ
الاعتدال في عملية الرقابة :ـ
المغالاة في الرقابة تلقى أعباء غير ضرورية على النظام المحاسبي و تحد من المرونة و الابتكار ، كما أن ضعف الرقابة يؤدي إلى الإخفاق في تحقيق الأهداف و لذلك فأن المشكلة الأساسية هنا هي تحقيق قدر معتدل من الرقابة ـ
ومن الكلمات الشائعة في هذا المجال : "أن المنشأة التي تحاول مراقب كل شيء تنتهي بتحقيق الرقابة على لا شيء " و الواقع أن الرقابة يمكن تنهار لأن الإدارة تحاول أن تحقق رقابة أكثر من اللازم فتختلط الأمور الهامة مع مجموعة ضخمة من الأشياء الصغيرة غير الهامة. و لذلك فأن تمييز العناصر الهامة للأداء التي يكون لها أضخم الآثار على تحقيق أهداف المنشأة يعتبر مهمة أساسية لتحقيق الرقابة المالية الفعالة ـ
و الواقع أنه في الحياة العملية تكون هناك عوامل كثيرة تتبع في سلوكها ونتائجها عوامل أخرى أكثر أهمية ويجب أن يحدد نظام لمعلومات في كل منشأة العوامل الهامة التي تتحكم في نجاح المنشاة ـ
مراعاة الجوانب السلوكية للرقابة المالية :ـ
لا شك أن تحقيق الرقابة المالية الفعالة يعتمد على سلوك الأفراد داخل المنشأة أكثر من اعتماده على الخطوات أو الإجراءات الآلية لتنفيذ نظام الرقابة المالية ـ
و الواقع أن هذا الأساس يمثل خلفية ضرورية لكثير من أسس و معايير الرقابة المالية و خاصة الأسس التالية :ـ
ـ 1 ـ الخطة التنظيمية ـ
ـ 2 ـ معايير قياس و تقييم الأداء ـ
ـ 3 ـ إعداد التقارير حسب خطوط السلطة و المسئولية ـ
ـ 4 ـ الإدارة بالاستثناء ـ
ـ 5 ـ الخطوات المصححة ـ
ـ 6 ـ الاعتدال في الرقابة ـ
فالخطة التنظيمية لو راعت النظرة السلوكية في التنظيم لأدت إلى نوع التنظيم لا يمكن تحديده إلا بعد شغل الوظائف و تحديد العلاقات التنظيمية بين الأفراد. كذلك فأن عملية وضع و اختيار معايير و مؤشرات تقييم الأداء تؤثر و تتأثر بسلوك العاملين بالمنشاة . و من المسلم به أن المعايير المتشددة تؤدي إلى الإحباط كما أن المعايير المتراضية تدعو إلى التكاسل . و من ناحية أخرى فأن نجاح نظام التقارير و المعلومات يتوقف على نوعية المديرين و استعدادهم للإستفاد بالمعلومات ـ
كما أنه من المسلم به أن المعلومات تهدف إلى ترشيد سلوك المديرين و لكنها لا تحل محل التفكير السليم و القدرة على وزن الأمور و الحكم عليها . و يقوم مبدأ الإدارة باستثناء على إغفال التغيرات الطفيفة لأنها لا يمكن أن تتوقع أن يكون السلوك البشري في الأداء مطابقا تماما للمعايير . و في مجل الخطوات المصححة يجب مراعاة النواحي السلوكية للعاملين بالمنشأة خاصة عند وضع نظم الحوافز و أخيرا فأن وراء مبدأ الاعتدال في الرقابة ناحية سلوكية هامة هي أن المغالاة في الرقابة تؤدي إلى انعدام المرونة و تقل روح الابتكار لدى العاملين في المنشأة ـ
وخلاصة القول أنه لا يمكن إغفال النواحي السلوكية في أي نظام فعال للرقابة المالية . و هكذا نجد أنه لا يجب النظر إلى الرقابة المالية كنشاط متشعب للغاية تندمج و تتكامل فيه وظائف الأداة ووظائف المحاسبة . وإن مفهوم الرقابة المالية في مرحلة تطوير مستمرة و لابد من أن يعتمد على مجموعة من الأسس أو المبادئ التي توضح إطار هذا المفهوم . و لاشك أن هذه تمثل البداية على طريق لتكوين مفهوم أساس للرقابة المالية وتطويرها.
المصدر: منتدى الإقتصاد الإسلامى .