يشهد العالم الآن تحولاً في مجالات عدة، وساعد في هذا التفاعل تطور صناعة الحاسوب وأجهزة المعلوماتية بما مكن من تناقل البيانات عبر الشبكات و بوسائل متناهية في الصغر، كأجهزة الحاسوب الصغيرة المتنقلة، ووسائل التخزين المتعددة كالبطاقة الذكية التي تحمل جهاز حاسوب مكتمل والتي لا تزيد أبعادها عن أبعاد البطاقات الشخصية (الكروت الشخصية).
شمل التطوير في أجهزة الحاسوب جميع الأجهزة التي يتحكم الحاسوب داخلها كأجهزة الفاكس، جهاز الهاتف السيار (الموبايل)، المفكرات الشخصية الإلكترونية، وبالمثل فقد شمل التطوير وسائل الدفع لتصبح أكثر ذكاء كالبطاقات الذكية منذ أوائل السبعينات، وبدخول الألفية الثالثة نتوقع أن تتعدد وسائل الدفع الإلكتروني، بإحلال البطاقة الذكية محل البطاقات البلاستيكية الممغنطة، كوسيلة لها تأمين كامل للبيانات التي تختزن بها.
إن تفاعل الحاسوب مع تقانة الإتصالات أثرت على مناحي الحياة المختلف، فانعكس ذلك في تحول الاقتصاد العالمي من اقتصاد يرتكز على الصناعة والإنتاج لاقتصاد يعتمد على المعرفة، وقد مثل ذلك تحديات للأمم وفتح لفرص متعددة خاصة للأمم النامية منها.
أسهم في هذا التحول تمازج الإتصالات مع صناعة الحواسيب، أو ما يسمى بتقانة الترقيمDigitalization والتي تعني إمكانية تحويل الخمس عناصر الأساسية من أنواع المعلومة: كتابة، صور ساكنة، صور متحركة مصحوبة بالصوت(سينما وفديو)، صوت، والبيانات إلى تمثيل موحد باستخدام الرقمين (1,0)، وبالتالي أمكن التعامل مع هذين الرقمين بصورة موحدة ومعالجة العناصر الخمس للمعلومة لكل هذه العناصر بطرق لم تكن متاحة من مقبل.
نتج من تمازج الإتصالات وشبكات الحواسيب ظهور شبكة الإنترنت والتي يزداد عدد مستخدميها على مدار كل دقيقة، والشكل(1) يوضح نسب التغير، عددية المشتركين الكلي ونسبتهم في الدول المتقدمة مقارنة بالنسب في الدول النامية.
عدد المستخدمين للإنترنت بالملايين.
ظهر نتيجة استخدام الإنترنت العديد من النشاطات التي استغلت فيها الشبكة كوسيط لتسهيل عمليات كانت تتطلب الكثير من الجهد والوقت، ومن هذه النشاطات ما أصبح يطلق عليه بالتجارة الإلكترونية.
أدى ظهور هذه الوسائل السهلة الاستخدام إلى دخول جهات جديدة لتنافس بتقديم خدمات تنافس فيها جهات أخرى، فمثلاً دخلت شركات التأمين كمنافسة للمصارف، كما هو الحال لجمعيات التنمية العمرانية Building Society، وأتسعت الرقعة للشركات المسوقة لمنتجات ذات علامات تجارية شهيرة حتى أصبحت تمنح بطاقات للائتمان لم تكن تمنح من قبل إلا من خلال المصارف.
بزيادة التحرير في قطاع المصارف يزداد التنافس وإتاحة خيارات أوسع للزبائن مما يجعلهم أكثر حرية في اختيار الخدمات ونوعياتها ومن يقدمها لها لهم، وبالتالي يصعب كسب انتماء الزبون للمصرف دون جهد في تقديم الأفضل في الخدمة.
تلعب شبكة الإنترنت، وممارسة التجارة الإلكترونية دوراً ملحوظاً في تنوع الخدمات المقدمة للزبائن، وزادت من كفاءة المعلومة المقدمة للمصرف والزبون مما يجعل له مزايا وتحديات متمثلة في زيادة حجم المنتجات المتاحة لهم.
يصبح هذا الوضع أشبه ما يكون بالمزاد الذي يتيح للزبون البحث وانتقاء المنتج المناسب له، ويزيل الحواجز الزمانية والمكانية وتجبر العارضين للمنتجات بتقديم أسعار تنافسية مع بعضهم وزوال السماسرة والوسطاء بين الزبون والمنتج.
يقلل الوضع المتوقع نسبة الأرباح التي يمكن تحقيقها وتصبح نسبة الأرباح خاضعة لتقديم الجودة والسعر المناسب ومدى الاعتمادية على المنتج وبين كسب ولاء الزبون ورجوعه للمنتج المعين بغض النظر عن سعره.
يتطلب كل ذلك تكاملاً تاماً بين أجزاء وحدات خدمة النشاط الإقتصادي، والتي منها القطاع المصرفي، بحيث يؤدي هذا التكامل في تعاظم النتائج بفعل عامل المضاعفة لتأثير هذه الخدمات وتكاملها، فمثلاً يتوقع إزدهار أكبر في قطاع التأمين نتيجة تكامله مع القطاع المصرفي، وذلك للصلة الوثيقة بين القطاعين في النشاط المتماثل فيهما.
أدى كل ذلك إلى تعدد القنوات التي يتم من خلالها تقديم الخدمات المصرفية للعملاء، وكسرت هذه القنوات حاجز المكان وتقاصر زمن الخدمة التي تقدم من خلالها.
تطلب ذلك من القطاع المصرفي توفير قواعد من البيانات تعمل على بنية حاسوبية قوية ترتبط بهذه القنوات عبر برامج تعمل كوسيط لحماية هذه القواعد من الوصول إليها الغير شرعي.
يتطلب تفاعل القطاع المصرفي تفاعل وتطوير البيئة التي يعمل فيها من: بيئة إدارية، قانونية، إجرائية، وتدريب مكثف للعاملين في القطاع المصرفي مع إعلام عام قوي يجتذب العملاء ويعمل على تثقيفهم وتقبلهم للخدمات الجديدة عبر القنوات المستحثة.
3. قنوات الإتصال وخدمات الصيرفة الإلكترونية.
يقدر العاملون في القطاع المصرفي أن تكلفة تقديم الخدمة من خلال القنوات التقليدية يكلف ما لا يقل عن ستة أضعاف تقديمها من خلال القنوات الإلكترونية الحديثة، وبالتالي فإن من أهداف العمل المصرفي تقليل التكلفة وتقديم الخدمات للعملاء بكفاءة أعلى، ويوضح الجدول التالي بعض التقديرات لخدمات تقدم عبر قنوات مختلفة:
تقدير التكلفة (بدون التكلفة الإنشائية) قناة الخدمة
295 وحدة خدمة عبر فرع البنك
56 وحدة خدمات خلال مراكز الإتصال الهاتفي
4 وحدات خدمة من خلال الإنترنت
1 وحدة خدمة من خلال الصرافات الآلية
هنالك مقولة مشهورة بأن 80% من العائد المادي لأي مؤسسة مصدره فقط 20% من العملاء، وبالتالي فإن أي مصرف يجب أن يسعى إلى أن يقدم خدمات متميزة لهذه النسبة من العملاء، وتقليل العبأ الإداري بتقليل التكلفة لتقديم خدماته المرضية لأكبر نسبة من عملائه (80%).
إذاً فإن أهداف القطاع المصرفي من أتمتة العمل المصرفي هو:
(i) تحقيق نسبة من الربحية مناسبة للمساهمين في المصارف.
(ii) تنمية الشعور لدى العملاء بإنتماءهم للبنك والمحافظة على الولاء لضمان الربحية التي يجنيها البنك من نشاطه.
(iii) إستراتيجية التوزيع للموارد المتاحة بما يتيح تقديم خدمات متميزة في مواقع عدة.
(iv) مرونة التكلفة والتسعير للخدمات المصرفية.
هنالك العديد من الخدمات التي تنوعت وسنستعرض بعضاً منها.
3.1 الصرآفات الآلية. ATM
تعتمد خدمة الصرآفات الآلية على وجود شبكة من الإتصالات تربط أفرع البنك الواحد، أو أفرع المصارف كلها في حالة أن تقوم ماكينة الصرف الآلي بخدمة أي عميل من أي مصرف، وضرورة ذلك نبعت من الحاجة للوصول لبيانات حسابات العملاء فورياً.
بدأ تقديم الخدمات المصرفية للعملاء عبر ماكينات الصرف الآلي في السبعنيات، ولم تجد الإقبال الكبير من المصرفيين، حيث أن ذلك أول عمل لأتمتة العمل المصرفي، ولكن الإقبال كان أكبر في الواقع العملي، وكانت هذه المخاوف لها موقع حيث لازال لها تأثير على العملاء وعمل على أن يظل في المتوسط حوالي 30% من العملاء لا يحملون بطاقات للصرف الآلي عبر الصرافات الآلية.
تطور عمل الصرآفات الآلية حيث أصبحت تقدم خدمات متقدمة بالإضافة لخدماتها الأصلية في صرف المبالغ النقدية.
تطور عمل الصرآفات لتقوم بدفع الفواتير للمؤسسات الخدمية، وتسديد الرسوم الحكومية وخلافه، وبدخول البطاقات الذكية مكن ذلك العميل من شحن بطاقته مقدمة الدفع من الصرافات ليقوم باستخدامها لدفع إلتزاماته في نقاط دفع متعددة.
3.2 الصيرفة عبر الهاتف.Phone
تعتمد هذه الخدمة كذلك على وجود شبكة تربط أفرع البنك الواحد ككل وتمكن الموظف المنوط به تقديم الخدمة الهاتفية من الوصول لبيانات العميل مباشرة من أي من أفرع البنك.
يقوم العميل بالإتصال برقم موحد للحصول على خدمة محددة من مصرفه.
يستطيع الموظف والذي يقوم بالرد على العميل من الوصول إلى بيانات حول العميل ويبدأ بتوجيه اسئلة محددة لتأكد من هويته، كالسؤال عن آخر معاملة قام بها، أو حجم المبلغ الذي قام بإيداعه، ....إلخ.
وجدت المصارف الكبرى أن تكوين مراكز للإتصال لخدمة العملاء، أمر يوفر عليها الكثير من الخدمات التي تستغرق منها ومن العميل وقتاً مقدراً، ووجدت بالتالي ذلك له مردود في توفير التكلفة عليها، وطورت من عملها لتشعر الزبون بخصوصيته، فمثلاً يمكن تسجيل أرقام الهواتف التي يتصل عن طريقها عميل ما، وبالتالي يمكن التعرف على شخصيته بمجرد إستلام المحادثة، فيستطيع الموظف أن يطلع على بيانات العميل والتي يكون الحاسوب قام بعرضها له.
تطور عمل مراكز الإتصال في الدول المتقدمة وأصبح العميل يشعر بخصوصيته مع البنك الذي يتعامل معه، وساعدت هذه المراكز على نمو علاقة خاصة بين العميل والبنك.
تطور استخدام الهاتف في تقديم الخدمات المصرفية بإدخال أجهزة الرد التلقائي على مكالمات العملاء، وتقديم خيارات لهم لإجراء عمليات متعددة: خدمات إستعلامية، خدمات تحويل لمبالغ لجهات معلومة، طلب خدمات كدفتر شيكات، أو كشف حساب، ... إلخ.
آخر التطورات التي تتم الآن هو استخدام هذه المراكز للإجابة على رسائل البريد الإلكتروني، والذي أصبح آداة فاعلة في التخاطب بين المصرف والعميل، فيستطيع المركز الرد على أي رسالة تصله في أثناء اليوم، وبعد ساعات العمل يتلقى العميل رسالة تلقائية تؤكد وصول رسالته للمركز ليتم الرد عليها في صباح اليوم التالي للعمل.
أصبح الإتجاه نحو الدمج وتكوين المؤسسات الكبيرة، ولم يكن القطاع المصرفي إستثناء، حيث لجأت بعض المصارف إلى المشاركة في مراكز الخدمات الهاتفية المصرفية، وبالتالي أدى ذلك لتقليل التكلفة الكلية، وتوحيد للجهد المشترك.
3.3 الصيرفة عبر شبكة الإنترنت. Intenet
ينتمي هذا النوع من الخدمات إلى مجموع الخدمات التي يطلق عليها: الخدمات المصرفية من المنزل Home Banking ، الخدمات المصرفية من على البعد Remote Banking، الخدمات المصرفية الفورية Online Banking، الخدمات المصرفية الذاتية Self-serving Banking ، وأسماء أخرى متعددة.
بدأت إدارة المصارف تدريجياً في تبني تقديم خدمات مصرفية من خلال شبكة الإنترنت لقلة تكلفتها و ساعد هذا التدرج في تقبل العملاء لهذه الخدمة والتأقلم معها والتدريب عليها، ولكن نمت في الدول المتقدمة بسرعة كبيرة حيث أنها تضاعفت في غضون فترة لم تتعدى الستة أشهر في أوربا الغربية، وأصبح العائد من تلك الخدمات يمثل 13% من دخل المصارف.
تطورت هذه الفكرة لإقامة مصرف كامل يقدم خدماته للعملاء من خلال شبكة الإنترنت، وأصبح مايطلق عليه بالمصرف الصوري أو الإعتباري Virtual Bank.
إمتازت الخدمة المصرفية بأهم عاملين يعملان على نشر الخدمة: خدمة في متناول اليد ومريحة للعملاء وتوفرها طوال اليوم، والعامل الآخر رخص تكلفتها للمصارف.
يحتاج تقديم هذا النوع من الخدمة إلى توفر شبكات عريضة Wide Area Network (WAN) داخل البلاد على الأقل وربطها بالشبكة العالمية "الإنترنت" كما أنها تتطلب من العميل معرفة باستخدام برنامج التصفح على الشبكة Browser ويمثل الأمن الهاجس الأكبر للعملاء ويعمل كحاجز نفسي لإنتشار الخدمة.
على الرغم من ذكر المعوقات إلا أن التوسع مستمر في استخدام شبكة الإنترنت، واستخدام الخدمات المصرفية على الشبكة، وسيستمر الحال كذلك بصورة متسارعة، وإتاحتها الفرصة لتوسيع العمل المصرفي دون حواجز جغرافية، ليصبح العمل على نطاق العالم ككل.
3.4 الصيرفة عبر الهاتف الجوال. Mobile Phones
إن الإتجاه العام في العالم هو الآن نحو إنتشار إستخدام الهاتف الجوال، حيث من المنتظر أن يصل عدد خطوط الهاتف الجوال المستخدم في نقل البيانات 1.2 بليون جهاز بينما سيصل عدد مشتركي الإنترنت عبر الشبكة الثابتة Fixed Internet إلى 750 مليون لنفس الفترة، وهو ما يدل على أن استخدامات الهاتف الجوال في إزدياد مطرد.
يتبع هذا الإتجاه تطوير استخدامات الهاتف الجوال لأغراض متعددة، فقد بدأ استخدامه للولوج للشبكة العالمية "إنترنت" واستخدامه في التطبيقات المتعلقة بها، كقراءة البريد الإلكتروني، تصفح المنتجات المعروضة على الشبكة، الشروع في شراء بعض هذه المنتجات، .... إلخ.
يمكن تقديم العديد من الخدمات للعميل عبر هاتفه، وتشبه هذه الخدمات الخدمات التي تقدم عبر الهاتف، ولكنها تمتاز منها بأنها يمكن أن تكون عبر بيانات ونص مكتوب، فيمكن الإستعلام من المصرف عن رصيد أو معرفة الوضع لتسوية شيك، أو خلافه.
3.5 الصيرفة عبر التلفزيون.
ظل التلفزيون من أكثر الوسائل الناجحة للإعلام الجماهيري Mass Media وقد تم تطوير نظام التلفزيون ليتيح التراسل من المشترك لمقدمي خدمة الإرسال وأصبح ما يطلق عليه بالتلفزيون التخاطبي Interactive TV أو ما أصطلح على إختصاره iTV .
بدأ التلفزيون التخاطبي في إحتلال موقعه في الدول المتقدمة وبدأت العديد من الشركات في التحول لتقديم هذه الخدمة بالمشاركة مع مؤسسات مالية لتوصيل الخدمة للمشتركين، وأصبح جاذباً حيث أن السعة التي يتيحها التلفزيون لنقل المعلومة عبر الصورة تفوق تلك التي يمكن نقلها عبر تراسل البيانات التقليدي بحوالي ستة أضعاف.
أصبحت خدمة الإنترنت يتم تقديمها عبر شبكة التلفزيون التخاطبي خاصة وأن التلفزيون إحتل مكانته في المنازل.
أمثلة ذلك: في بريطانيا إحتل بنك HSBC الريادة في استخدام التقنيات في الصيرفة باستثماره لمبلغ 100 مليون دولار في شركة أوبن التلفزيونية.
4. خدمات الصيرفة.
تمثلت الخدمات التقليدية للصيرفة في ثلاث مجموعات صنفت حسب طبيعتها:
خدمات مصرفية تقليدية كصرف الشيكات، دفع الفواتير، التحاويل المباشرة ... إلخ.
خدمات إستدانة: وهي الخدمات التي يقوم العميل من خلالها بالإستدانة أو التمويل من المصرف.
خدمات الإستثمار: وهي الخدمات التي يقوم من خلالها العميل بإستثمار أمواله، والبحث عن أفضل فرص الإستثمار، كشراء أسهم أو الدخول في صناديق إستثمارية، ... إلخ.
إستحدث استخدام القنوات الجديدة أنواعاً من الخدمات المصرفية لم تكن متاحة من قبل، كمثال:
خدمات دفع وخصوصية أكثر:تشخيص الشيكات للعملاء بتصميم يزيد من شعورهم بخصوصيتهم لدى المصارف، كما تتيح هذه الخدمات دفع إلتزامات وعمل التحاويل المباشرة للعملاء مباشرة لمستحقيها وبسهولة ويسر.
تكامل البيانات المالية للعميل مع البيانات الصادرة من البنك: تتيح هذه الخدمة للعميل استلام بيانات عن حساباته مباشرة من المصرف وإجراء تسوياتها دون الحاجة إلى إعادة إدخالها مرة أخرى في نظامه الحاسوبي، كما تتيح الرجوع وطلب القيودات السابقة تلقائياً.
التصديقات المباشرة للتمويل والإستدانة من المصرف: تتيح هذه الخدمات حصول العملاء على تصديقات مباشرة من المصرف للحصول على تمويل أو إستدانة، دون الحاجة للوصول بشخصه للمصرف، حيث أن المصارف ستتجمع لديها كم هائل من البيانات حول تعاملات العميل والتي يتم من خلالها تقييم مركزه المالي.
تداول الأخبار بين العملاء في المصرف الواحد: تتيح هذه الخدمة للعملاء من المصرف الواحد تداول الأخبار الخاصة والتجارية عبر موقع المصرف "دردشة" وهي من الإتجاهات الممارسة في العمل التجاري.
5. البنية التحتية اللازمة للصيرفة الإلكترونية.
يتضح من إستعراضنا السابق أن البنية التحتية اللازمة لتفعيل الصيرفة الإلكترونية هي:
وجود شبكة عريضة تضم كل الجهات ذات الصلة وترتبط بالشبكة العالمية "إنترنت" وفقاً لأسس قياسية مؤمنة، وأن تيكون التأمين جزءً لا يتجزأ من تصميم الشبكة وليس إضافة لها في مراحل لاحقة مما قد يزيد من التكلفة زيادة كبيرة.
وضع خطة ممرحلة للبدء في إدخال خدمات صيرفة إلكترونية وفقاً لأولويات تحددها خطة إستراتيجية على مستوى البنك، البنك المركزي، البلاد، وموقع البلاد في الخارطة السياسية وتحالفاتها مع الدول الأخرى، وأن يتم إشراك جميع الأطراف ذات الإختصاص في وضع هذه الخطة.
البدء في تنفيذ الخطة بتبني مشاريع إستكشافية متحكم في نتائجها حتي يتم تفاعل أطراف المجتمع ككل، وأن تصاحب هذه المشاريع خطة تدريبية تغطي الجوانب التي يحتاج إليها الكادر البشري. وتهدف هذه المشاريع تقويم الإجراءات ووضع القوانين التي تحكم تقديم خدمات صيرفة إلكترونية على نطاق واسع، كما أنها تقرب المفاهيم عملياً للأطراف المشتركة في تقديم والإستفادة من هذه الخدمات.
البدء في وضع النظم القياسية التي تتيح الربط وتبادل البيانات بين الجهات المشتركة، ويوجد العديد من هذه النظم التي تحدد قوالب الرسائل المالية ونظم التأمين القياسية المقترحة للقطاع المالي لتبنيها وبالتالي إتاحة إمكانية الربط وتبادل البيانات على مستوى العالم ككل.
تطوير التطبيقات المصرفية في المصارف وتوحيد هذا الجهد للإستفادة من الخبرات المتراكمة بين المصرفيين والفنيين في المصارف، ويتم هذا التوحيد على مستويات مختلفة ووفقاً لخطة تتوسع لتبني طرق قياسية للتطوير، والمشاركة في توحيد التدريب وأهدافه. ولا يعني ذلك إحتكار النظم المالية لجهة واحدة ولكن التعاون بين الأطراف المعنية للمشاركة في الموارد المتاحة بتكوين مركزاً للبلاد يختص بالتنسيق لتطوير النظم المالية.
إنشاء الجسم الإداري الذي يتولى التنسيق بين الأطراف المعنية على كل مستوى: مستوى المصرف الواحد، مستوى البنك المركزي، مستوى البلاد، وعلى المستوى الإقليمي الذي يتيح الربط والتعاون مع البلاد ذات المصالح والأهداف المشتركة.
6. التأمين للشبكات والمعاملات المالية.
يستخدم التشفير في المعاملات والرسائل المتبادلة بين الأطراف.
التشفير هو تغيير شكل النص بحيث يغير من شكله المفهوم إلى شكل غير مفهوم وربما غير مقروء، وذلك باستخدام رقم يطلق عليها "مفتاح"، وبحيث يمكن إستعادة النص مرة أخرى بطريقة عكسية إذا تم معرفة مفاتيح التشفير المستخدمة وطريقة التشفيرالتي استخدمت. وطرق التشفير يطلق عليها "خوارزميات تشفير" (طريقة تغيير النص المقروء)، وتشمل الخوازمية طريقة تغيير النص المفهوم إلى نص غير مفهوم والعكس.
إذا تم استخدام مفتاح التشفير نفسه في إستعادة النص، يسمى التشفير متماثلاً Symmetric Encryption.
هنالك تشفير يستخدم مفتاحين أحدهما لتشفير النص والآخر لإستعادة النص، بحيث يمكن أن يحل أي منهما محل الآخر، ويسمي هذا النوع من التشفير الذي يستخدم مفتاحين "بالتشفير الغير متماثل Asymmetric Encryption ".
في التشفير الغير متماثل يمكن أن يحل أي من المفتاحين (الرقمين) محل الآخر، أي إذا استخدم واحد للتشفير فيجب إستخدام الآخر لإستعادة النص، والعكس صحيح.
يسمى أحد المفتاحين بالمفتاح الخاص السري والآخر بلمفتاح العام والذي يمكن نشره.
يمكن أن يخصص لكل جهة ترغب في التراسل المؤمن مفتاحين، أحدهما خاص بها وسري والأخر معلن للجميع وبالتالي يعلم الجميع أن أي رسالة تم تشفيرها بواسطة تلك الجهة، يمكن إستعادة نصها باستخدام المفتاح العامك لتلك الجهة.
إذا أراد طرفان: "س" و "ص" في أن يتراسلان فيمكن أن يستخدم الطرف "س" الراغب في التراسل المفتاح المعلن للطرف "ص" لتشفير الرسائل المرسلة له، وبذلك لا يستطيع أي فرد أن يستعيد نص الرسالة سوى الطرف "ص" والذي يملك المفتاح الخاص به، فعند إستلام الطرف "ًص" للرسالة يمكن أن يسترجع النص عن طريق استخدام مفتاحه الخاص، وبالتالي يضمن المرسل "س" أن الرسالة لن يسترجع نصها إلا الطرف المرسلة إليه "ًص"، حيث أنه لا أحد يملك المفتاح الخاص غيره.
يقوم الراسل بإجراء تلخيص للرسالة بعملية رياضية على نص الرسالة، يكون الناتج من هذه العملية رقماً متفرداً ويمثل هذه الرسالة بحيث أنه لو تغير أي جزء من نصها، لتغير الرقم الناتج من هذا التلخيص.
يقوم المرسل "س" بتشفير الأرقام المختصرة للرسالة بإستخدام مفتاحه الخاص ويرسلها مصاحبة للرسالة، وعند إستلام الرسالة بواسطة الطرف الآخر "ص"، يقوم باسترجاع الأرقام المختصرة باستخدام المفتاح العام للطرف "س" ويقارنها مع الأرقام التي يتحصل عليها عند إجراء نفس العملية الرياضية على نص الرسالة والتي تم إستخلاص الأرقام، فإن وجدها متطابقة يكون محتوى الرسالة موثوق به ولم يتم عليه أي تبديل أو تغيير.
تسمى العملية السابق ذكرها بالتوقيع الإلكتروني.
العمليات السابقة أكدت الآتي: ضمان سرية الرسالة المرسلة، التوثق من المرسل والمرسل إليه باستخدام المفتاح المعلن والخاص لشفرة كل من الطرفين، لا يمكن أن ينكر أي من الأطراف إرساله أو إستقباله للرسالة، وأخيراً الوثوق بأن محتوى الرسالة لم يتم التلاعب به.
بقي أن يتم التأكيد على أن الطرفين "س" و"ص" هما نفس الشخصية التي يدعيها كل منهما. يتم ذلك عن طريق طرف ثالث يصدر شهادة بصحة بيانات كل طرف، وهي ما يطلق عليها الموثق. Certification Authority.
تتم هذه العمليات في الصيرفة الإلكترونية تلقائياً ودون أن يستشعرها أي من الأطراف، وبسهولة ويسر ولا يحتاج أي طرف لتعلم مهارات معقدة أو فهم لهذه العملية التي تم شرحها.
يتطلب تنفيذ التأمين للعمليات المالية أمران: أن يتم تصميم الشبكة بالتأمين اللازم، ويضاف لذلك إنشاء جهة تتولى التوثق من الأطراف ككل وتصدر المفاتيح لجميع الأطراف، وتنسق هذه الجهة مع الجهات المماثلة في الدول الأخرى لتتيح التعامل المالي عبر البلدان بتأمين كامل.
7. الوضع في السودان كبلد نامي.
يتمثل التحدي الحقيقي في البلدان ككل في إنشاء بنية متكاملة ذات هيكلية تتعامل مع العوامل المذكورة أعلاه بما يسمح بتقديم الحلول في شكل بناء لشبكة متكاملة تربط بين المصارف كلها في أنحاء العالم.
يتسم القطاع المصرفي الآن بتغيير مستمر في بيئته، وذلك بتحرير القطاع، دمج المصارف مع بعضها البعض لتكوين مصارف ذات موارد ضخمة، ربط شبكي بين المصارف يتيح أتمتة كاملة للعمل المصرفي، ويتيح انسياب للمعلومات لم يتيسر من قبل الحصول عليها.
تعاني الدول النامية كالسودان من مشاكل عدة يصعب فيها تطبيق طرق وتقنيات الصيرفة الإلكترونية بنفس الأسلوب الذي تم به التطبيق في الدول المتقدمة، ولابد من توطين طرق الصيرفة الإلكترونية بما يتناسب مع البيئة السودانية ومع تطور الحياة عامة فيها.
لا زال استخدام النقود الورقية (الكاش) هو وسيلة الدفع الرئيسية في معظم الحالات (إن لم يكن في جميع الأحوال) التي يتم تبادل خدمات أو بضائع أو أي من المشتريات. ويسبب ذلك عبئاً كبيراً على أطراف عدة: دافع المبلغ، المستفيد، المصرف الدافع للمبلغ، المصرف المستلم للمبلغ، .... إلخ. حيث يعاني كل منهم مشاكل مختلفة ناتجة من التعامل المباشر بالنقد.
لم تستشعر الدول التي لها نظم مصرفية راسخة وتستخدم نظام الشيكات بهذه المشكلة حيث أنها إنتقلت تدريجياً من مرحلة إستخدام النقد إلى استخدام الشيكات وانتقلت تدريجياً لاستخدام وسائل دفع متعددة كبدائل مناسبة لها، وكان من الصعب أن يتم نفس التدرج في معظم الدول النامية، ويرجع ذلك للخوف من وجود أو ظهور مخاطر تتعلق بالوسائل المستخدمة في الدفع لم تظهر مشاكلها في الدول المتقدمة لاختلاف البيئة والثقافة ... إلخ، وبالتالي فقد القطاع المصرفي في الدول النامية جزءً مقدراً من حجم السيولة المتداول في البلاد.
كما لم تنشأ في الدول النامية بعض وسائل الدفع الأخرى لأن معظمها في حاجة لوجود بنية تحتية تعتمد عليها هذه الوسائل وبالتالي تعقدت مشكلة استخدام النقود الورقية وأصبحت دورتها في التداول قصيرة تحتاج لاستبدال سريع وقد تحور مسارها لينقضي وقت مقدر وهي في أيدي الجمهور راكدة في معظم الأحيان.
إن العوامل السابقة يجب أن تعمل على تحفيز السودان كبلد نامي إلى تبني وسائل وأساليب الصيرفة الإلكترونية وأقلمتها لتتناسب مع البيئة في السودان، ويعني ذلك أن يتبنى السودان التقنية التي تتناسب مع بيئته وإنسانه، ويتطلب ذلك عمل الدراسات لإدخال خدمات الصيرفة الإلكترونية وبالتدرج الذي يتيح للأطراف كلها إستيعابها واستحداث الطرق، الإجراءات، القوانين، والوضع الإداري الأمثل لخدمات الصيرفة الإلكترونية المناسبة.
شمل التطوير في أجهزة الحاسوب جميع الأجهزة التي يتحكم الحاسوب داخلها كأجهزة الفاكس، جهاز الهاتف السيار (الموبايل)، المفكرات الشخصية الإلكترونية، وبالمثل فقد شمل التطوير وسائل الدفع لتصبح أكثر ذكاء كالبطاقات الذكية منذ أوائل السبعينات، وبدخول الألفية الثالثة نتوقع أن تتعدد وسائل الدفع الإلكتروني، بإحلال البطاقة الذكية محل البطاقات البلاستيكية الممغنطة، كوسيلة لها تأمين كامل للبيانات التي تختزن بها.
إن تفاعل الحاسوب مع تقانة الإتصالات أثرت على مناحي الحياة المختلف، فانعكس ذلك في تحول الاقتصاد العالمي من اقتصاد يرتكز على الصناعة والإنتاج لاقتصاد يعتمد على المعرفة، وقد مثل ذلك تحديات للأمم وفتح لفرص متعددة خاصة للأمم النامية منها.
أسهم في هذا التحول تمازج الإتصالات مع صناعة الحواسيب، أو ما يسمى بتقانة الترقيمDigitalization والتي تعني إمكانية تحويل الخمس عناصر الأساسية من أنواع المعلومة: كتابة، صور ساكنة، صور متحركة مصحوبة بالصوت(سينما وفديو)، صوت، والبيانات إلى تمثيل موحد باستخدام الرقمين (1,0)، وبالتالي أمكن التعامل مع هذين الرقمين بصورة موحدة ومعالجة العناصر الخمس للمعلومة لكل هذه العناصر بطرق لم تكن متاحة من مقبل.
نتج من تمازج الإتصالات وشبكات الحواسيب ظهور شبكة الإنترنت والتي يزداد عدد مستخدميها على مدار كل دقيقة، والشكل(1) يوضح نسب التغير، عددية المشتركين الكلي ونسبتهم في الدول المتقدمة مقارنة بالنسب في الدول النامية.
عدد المستخدمين للإنترنت بالملايين.
ظهر نتيجة استخدام الإنترنت العديد من النشاطات التي استغلت فيها الشبكة كوسيط لتسهيل عمليات كانت تتطلب الكثير من الجهد والوقت، ومن هذه النشاطات ما أصبح يطلق عليه بالتجارة الإلكترونية.
أدى ظهور هذه الوسائل السهلة الاستخدام إلى دخول جهات جديدة لتنافس بتقديم خدمات تنافس فيها جهات أخرى، فمثلاً دخلت شركات التأمين كمنافسة للمصارف، كما هو الحال لجمعيات التنمية العمرانية Building Society، وأتسعت الرقعة للشركات المسوقة لمنتجات ذات علامات تجارية شهيرة حتى أصبحت تمنح بطاقات للائتمان لم تكن تمنح من قبل إلا من خلال المصارف.
بزيادة التحرير في قطاع المصارف يزداد التنافس وإتاحة خيارات أوسع للزبائن مما يجعلهم أكثر حرية في اختيار الخدمات ونوعياتها ومن يقدمها لها لهم، وبالتالي يصعب كسب انتماء الزبون للمصرف دون جهد في تقديم الأفضل في الخدمة.
تلعب شبكة الإنترنت، وممارسة التجارة الإلكترونية دوراً ملحوظاً في تنوع الخدمات المقدمة للزبائن، وزادت من كفاءة المعلومة المقدمة للمصرف والزبون مما يجعل له مزايا وتحديات متمثلة في زيادة حجم المنتجات المتاحة لهم.
يصبح هذا الوضع أشبه ما يكون بالمزاد الذي يتيح للزبون البحث وانتقاء المنتج المناسب له، ويزيل الحواجز الزمانية والمكانية وتجبر العارضين للمنتجات بتقديم أسعار تنافسية مع بعضهم وزوال السماسرة والوسطاء بين الزبون والمنتج.
يقلل الوضع المتوقع نسبة الأرباح التي يمكن تحقيقها وتصبح نسبة الأرباح خاضعة لتقديم الجودة والسعر المناسب ومدى الاعتمادية على المنتج وبين كسب ولاء الزبون ورجوعه للمنتج المعين بغض النظر عن سعره.
يتطلب كل ذلك تكاملاً تاماً بين أجزاء وحدات خدمة النشاط الإقتصادي، والتي منها القطاع المصرفي، بحيث يؤدي هذا التكامل في تعاظم النتائج بفعل عامل المضاعفة لتأثير هذه الخدمات وتكاملها، فمثلاً يتوقع إزدهار أكبر في قطاع التأمين نتيجة تكامله مع القطاع المصرفي، وذلك للصلة الوثيقة بين القطاعين في النشاط المتماثل فيهما.
أدى كل ذلك إلى تعدد القنوات التي يتم من خلالها تقديم الخدمات المصرفية للعملاء، وكسرت هذه القنوات حاجز المكان وتقاصر زمن الخدمة التي تقدم من خلالها.
تطلب ذلك من القطاع المصرفي توفير قواعد من البيانات تعمل على بنية حاسوبية قوية ترتبط بهذه القنوات عبر برامج تعمل كوسيط لحماية هذه القواعد من الوصول إليها الغير شرعي.
يتطلب تفاعل القطاع المصرفي تفاعل وتطوير البيئة التي يعمل فيها من: بيئة إدارية، قانونية، إجرائية، وتدريب مكثف للعاملين في القطاع المصرفي مع إعلام عام قوي يجتذب العملاء ويعمل على تثقيفهم وتقبلهم للخدمات الجديدة عبر القنوات المستحثة.
3. قنوات الإتصال وخدمات الصيرفة الإلكترونية.
يقدر العاملون في القطاع المصرفي أن تكلفة تقديم الخدمة من خلال القنوات التقليدية يكلف ما لا يقل عن ستة أضعاف تقديمها من خلال القنوات الإلكترونية الحديثة، وبالتالي فإن من أهداف العمل المصرفي تقليل التكلفة وتقديم الخدمات للعملاء بكفاءة أعلى، ويوضح الجدول التالي بعض التقديرات لخدمات تقدم عبر قنوات مختلفة:
تقدير التكلفة (بدون التكلفة الإنشائية) قناة الخدمة
295 وحدة خدمة عبر فرع البنك
56 وحدة خدمات خلال مراكز الإتصال الهاتفي
4 وحدات خدمة من خلال الإنترنت
1 وحدة خدمة من خلال الصرافات الآلية
هنالك مقولة مشهورة بأن 80% من العائد المادي لأي مؤسسة مصدره فقط 20% من العملاء، وبالتالي فإن أي مصرف يجب أن يسعى إلى أن يقدم خدمات متميزة لهذه النسبة من العملاء، وتقليل العبأ الإداري بتقليل التكلفة لتقديم خدماته المرضية لأكبر نسبة من عملائه (80%).
إذاً فإن أهداف القطاع المصرفي من أتمتة العمل المصرفي هو:
(i) تحقيق نسبة من الربحية مناسبة للمساهمين في المصارف.
(ii) تنمية الشعور لدى العملاء بإنتماءهم للبنك والمحافظة على الولاء لضمان الربحية التي يجنيها البنك من نشاطه.
(iii) إستراتيجية التوزيع للموارد المتاحة بما يتيح تقديم خدمات متميزة في مواقع عدة.
(iv) مرونة التكلفة والتسعير للخدمات المصرفية.
هنالك العديد من الخدمات التي تنوعت وسنستعرض بعضاً منها.
3.1 الصرآفات الآلية. ATM
تعتمد خدمة الصرآفات الآلية على وجود شبكة من الإتصالات تربط أفرع البنك الواحد، أو أفرع المصارف كلها في حالة أن تقوم ماكينة الصرف الآلي بخدمة أي عميل من أي مصرف، وضرورة ذلك نبعت من الحاجة للوصول لبيانات حسابات العملاء فورياً.
بدأ تقديم الخدمات المصرفية للعملاء عبر ماكينات الصرف الآلي في السبعنيات، ولم تجد الإقبال الكبير من المصرفيين، حيث أن ذلك أول عمل لأتمتة العمل المصرفي، ولكن الإقبال كان أكبر في الواقع العملي، وكانت هذه المخاوف لها موقع حيث لازال لها تأثير على العملاء وعمل على أن يظل في المتوسط حوالي 30% من العملاء لا يحملون بطاقات للصرف الآلي عبر الصرافات الآلية.
تطور عمل الصرآفات الآلية حيث أصبحت تقدم خدمات متقدمة بالإضافة لخدماتها الأصلية في صرف المبالغ النقدية.
تطور عمل الصرآفات لتقوم بدفع الفواتير للمؤسسات الخدمية، وتسديد الرسوم الحكومية وخلافه، وبدخول البطاقات الذكية مكن ذلك العميل من شحن بطاقته مقدمة الدفع من الصرافات ليقوم باستخدامها لدفع إلتزاماته في نقاط دفع متعددة.
3.2 الصيرفة عبر الهاتف.Phone
تعتمد هذه الخدمة كذلك على وجود شبكة تربط أفرع البنك الواحد ككل وتمكن الموظف المنوط به تقديم الخدمة الهاتفية من الوصول لبيانات العميل مباشرة من أي من أفرع البنك.
يقوم العميل بالإتصال برقم موحد للحصول على خدمة محددة من مصرفه.
يستطيع الموظف والذي يقوم بالرد على العميل من الوصول إلى بيانات حول العميل ويبدأ بتوجيه اسئلة محددة لتأكد من هويته، كالسؤال عن آخر معاملة قام بها، أو حجم المبلغ الذي قام بإيداعه، ....إلخ.
وجدت المصارف الكبرى أن تكوين مراكز للإتصال لخدمة العملاء، أمر يوفر عليها الكثير من الخدمات التي تستغرق منها ومن العميل وقتاً مقدراً، ووجدت بالتالي ذلك له مردود في توفير التكلفة عليها، وطورت من عملها لتشعر الزبون بخصوصيته، فمثلاً يمكن تسجيل أرقام الهواتف التي يتصل عن طريقها عميل ما، وبالتالي يمكن التعرف على شخصيته بمجرد إستلام المحادثة، فيستطيع الموظف أن يطلع على بيانات العميل والتي يكون الحاسوب قام بعرضها له.
تطور عمل مراكز الإتصال في الدول المتقدمة وأصبح العميل يشعر بخصوصيته مع البنك الذي يتعامل معه، وساعدت هذه المراكز على نمو علاقة خاصة بين العميل والبنك.
تطور استخدام الهاتف في تقديم الخدمات المصرفية بإدخال أجهزة الرد التلقائي على مكالمات العملاء، وتقديم خيارات لهم لإجراء عمليات متعددة: خدمات إستعلامية، خدمات تحويل لمبالغ لجهات معلومة، طلب خدمات كدفتر شيكات، أو كشف حساب، ... إلخ.
آخر التطورات التي تتم الآن هو استخدام هذه المراكز للإجابة على رسائل البريد الإلكتروني، والذي أصبح آداة فاعلة في التخاطب بين المصرف والعميل، فيستطيع المركز الرد على أي رسالة تصله في أثناء اليوم، وبعد ساعات العمل يتلقى العميل رسالة تلقائية تؤكد وصول رسالته للمركز ليتم الرد عليها في صباح اليوم التالي للعمل.
أصبح الإتجاه نحو الدمج وتكوين المؤسسات الكبيرة، ولم يكن القطاع المصرفي إستثناء، حيث لجأت بعض المصارف إلى المشاركة في مراكز الخدمات الهاتفية المصرفية، وبالتالي أدى ذلك لتقليل التكلفة الكلية، وتوحيد للجهد المشترك.
3.3 الصيرفة عبر شبكة الإنترنت. Intenet
ينتمي هذا النوع من الخدمات إلى مجموع الخدمات التي يطلق عليها: الخدمات المصرفية من المنزل Home Banking ، الخدمات المصرفية من على البعد Remote Banking، الخدمات المصرفية الفورية Online Banking، الخدمات المصرفية الذاتية Self-serving Banking ، وأسماء أخرى متعددة.
بدأت إدارة المصارف تدريجياً في تبني تقديم خدمات مصرفية من خلال شبكة الإنترنت لقلة تكلفتها و ساعد هذا التدرج في تقبل العملاء لهذه الخدمة والتأقلم معها والتدريب عليها، ولكن نمت في الدول المتقدمة بسرعة كبيرة حيث أنها تضاعفت في غضون فترة لم تتعدى الستة أشهر في أوربا الغربية، وأصبح العائد من تلك الخدمات يمثل 13% من دخل المصارف.
تطورت هذه الفكرة لإقامة مصرف كامل يقدم خدماته للعملاء من خلال شبكة الإنترنت، وأصبح مايطلق عليه بالمصرف الصوري أو الإعتباري Virtual Bank.
إمتازت الخدمة المصرفية بأهم عاملين يعملان على نشر الخدمة: خدمة في متناول اليد ومريحة للعملاء وتوفرها طوال اليوم، والعامل الآخر رخص تكلفتها للمصارف.
يحتاج تقديم هذا النوع من الخدمة إلى توفر شبكات عريضة Wide Area Network (WAN) داخل البلاد على الأقل وربطها بالشبكة العالمية "الإنترنت" كما أنها تتطلب من العميل معرفة باستخدام برنامج التصفح على الشبكة Browser ويمثل الأمن الهاجس الأكبر للعملاء ويعمل كحاجز نفسي لإنتشار الخدمة.
على الرغم من ذكر المعوقات إلا أن التوسع مستمر في استخدام شبكة الإنترنت، واستخدام الخدمات المصرفية على الشبكة، وسيستمر الحال كذلك بصورة متسارعة، وإتاحتها الفرصة لتوسيع العمل المصرفي دون حواجز جغرافية، ليصبح العمل على نطاق العالم ككل.
3.4 الصيرفة عبر الهاتف الجوال. Mobile Phones
إن الإتجاه العام في العالم هو الآن نحو إنتشار إستخدام الهاتف الجوال، حيث من المنتظر أن يصل عدد خطوط الهاتف الجوال المستخدم في نقل البيانات 1.2 بليون جهاز بينما سيصل عدد مشتركي الإنترنت عبر الشبكة الثابتة Fixed Internet إلى 750 مليون لنفس الفترة، وهو ما يدل على أن استخدامات الهاتف الجوال في إزدياد مطرد.
يتبع هذا الإتجاه تطوير استخدامات الهاتف الجوال لأغراض متعددة، فقد بدأ استخدامه للولوج للشبكة العالمية "إنترنت" واستخدامه في التطبيقات المتعلقة بها، كقراءة البريد الإلكتروني، تصفح المنتجات المعروضة على الشبكة، الشروع في شراء بعض هذه المنتجات، .... إلخ.
يمكن تقديم العديد من الخدمات للعميل عبر هاتفه، وتشبه هذه الخدمات الخدمات التي تقدم عبر الهاتف، ولكنها تمتاز منها بأنها يمكن أن تكون عبر بيانات ونص مكتوب، فيمكن الإستعلام من المصرف عن رصيد أو معرفة الوضع لتسوية شيك، أو خلافه.
3.5 الصيرفة عبر التلفزيون.
ظل التلفزيون من أكثر الوسائل الناجحة للإعلام الجماهيري Mass Media وقد تم تطوير نظام التلفزيون ليتيح التراسل من المشترك لمقدمي خدمة الإرسال وأصبح ما يطلق عليه بالتلفزيون التخاطبي Interactive TV أو ما أصطلح على إختصاره iTV .
بدأ التلفزيون التخاطبي في إحتلال موقعه في الدول المتقدمة وبدأت العديد من الشركات في التحول لتقديم هذه الخدمة بالمشاركة مع مؤسسات مالية لتوصيل الخدمة للمشتركين، وأصبح جاذباً حيث أن السعة التي يتيحها التلفزيون لنقل المعلومة عبر الصورة تفوق تلك التي يمكن نقلها عبر تراسل البيانات التقليدي بحوالي ستة أضعاف.
أصبحت خدمة الإنترنت يتم تقديمها عبر شبكة التلفزيون التخاطبي خاصة وأن التلفزيون إحتل مكانته في المنازل.
أمثلة ذلك: في بريطانيا إحتل بنك HSBC الريادة في استخدام التقنيات في الصيرفة باستثماره لمبلغ 100 مليون دولار في شركة أوبن التلفزيونية.
4. خدمات الصيرفة.
تمثلت الخدمات التقليدية للصيرفة في ثلاث مجموعات صنفت حسب طبيعتها:
خدمات مصرفية تقليدية كصرف الشيكات، دفع الفواتير، التحاويل المباشرة ... إلخ.
خدمات إستدانة: وهي الخدمات التي يقوم العميل من خلالها بالإستدانة أو التمويل من المصرف.
خدمات الإستثمار: وهي الخدمات التي يقوم من خلالها العميل بإستثمار أمواله، والبحث عن أفضل فرص الإستثمار، كشراء أسهم أو الدخول في صناديق إستثمارية، ... إلخ.
إستحدث استخدام القنوات الجديدة أنواعاً من الخدمات المصرفية لم تكن متاحة من قبل، كمثال:
خدمات دفع وخصوصية أكثر:تشخيص الشيكات للعملاء بتصميم يزيد من شعورهم بخصوصيتهم لدى المصارف، كما تتيح هذه الخدمات دفع إلتزامات وعمل التحاويل المباشرة للعملاء مباشرة لمستحقيها وبسهولة ويسر.
تكامل البيانات المالية للعميل مع البيانات الصادرة من البنك: تتيح هذه الخدمة للعميل استلام بيانات عن حساباته مباشرة من المصرف وإجراء تسوياتها دون الحاجة إلى إعادة إدخالها مرة أخرى في نظامه الحاسوبي، كما تتيح الرجوع وطلب القيودات السابقة تلقائياً.
التصديقات المباشرة للتمويل والإستدانة من المصرف: تتيح هذه الخدمات حصول العملاء على تصديقات مباشرة من المصرف للحصول على تمويل أو إستدانة، دون الحاجة للوصول بشخصه للمصرف، حيث أن المصارف ستتجمع لديها كم هائل من البيانات حول تعاملات العميل والتي يتم من خلالها تقييم مركزه المالي.
تداول الأخبار بين العملاء في المصرف الواحد: تتيح هذه الخدمة للعملاء من المصرف الواحد تداول الأخبار الخاصة والتجارية عبر موقع المصرف "دردشة" وهي من الإتجاهات الممارسة في العمل التجاري.
5. البنية التحتية اللازمة للصيرفة الإلكترونية.
يتضح من إستعراضنا السابق أن البنية التحتية اللازمة لتفعيل الصيرفة الإلكترونية هي:
وجود شبكة عريضة تضم كل الجهات ذات الصلة وترتبط بالشبكة العالمية "إنترنت" وفقاً لأسس قياسية مؤمنة، وأن تيكون التأمين جزءً لا يتجزأ من تصميم الشبكة وليس إضافة لها في مراحل لاحقة مما قد يزيد من التكلفة زيادة كبيرة.
وضع خطة ممرحلة للبدء في إدخال خدمات صيرفة إلكترونية وفقاً لأولويات تحددها خطة إستراتيجية على مستوى البنك، البنك المركزي، البلاد، وموقع البلاد في الخارطة السياسية وتحالفاتها مع الدول الأخرى، وأن يتم إشراك جميع الأطراف ذات الإختصاص في وضع هذه الخطة.
البدء في تنفيذ الخطة بتبني مشاريع إستكشافية متحكم في نتائجها حتي يتم تفاعل أطراف المجتمع ككل، وأن تصاحب هذه المشاريع خطة تدريبية تغطي الجوانب التي يحتاج إليها الكادر البشري. وتهدف هذه المشاريع تقويم الإجراءات ووضع القوانين التي تحكم تقديم خدمات صيرفة إلكترونية على نطاق واسع، كما أنها تقرب المفاهيم عملياً للأطراف المشتركة في تقديم والإستفادة من هذه الخدمات.
البدء في وضع النظم القياسية التي تتيح الربط وتبادل البيانات بين الجهات المشتركة، ويوجد العديد من هذه النظم التي تحدد قوالب الرسائل المالية ونظم التأمين القياسية المقترحة للقطاع المالي لتبنيها وبالتالي إتاحة إمكانية الربط وتبادل البيانات على مستوى العالم ككل.
تطوير التطبيقات المصرفية في المصارف وتوحيد هذا الجهد للإستفادة من الخبرات المتراكمة بين المصرفيين والفنيين في المصارف، ويتم هذا التوحيد على مستويات مختلفة ووفقاً لخطة تتوسع لتبني طرق قياسية للتطوير، والمشاركة في توحيد التدريب وأهدافه. ولا يعني ذلك إحتكار النظم المالية لجهة واحدة ولكن التعاون بين الأطراف المعنية للمشاركة في الموارد المتاحة بتكوين مركزاً للبلاد يختص بالتنسيق لتطوير النظم المالية.
إنشاء الجسم الإداري الذي يتولى التنسيق بين الأطراف المعنية على كل مستوى: مستوى المصرف الواحد، مستوى البنك المركزي، مستوى البلاد، وعلى المستوى الإقليمي الذي يتيح الربط والتعاون مع البلاد ذات المصالح والأهداف المشتركة.
6. التأمين للشبكات والمعاملات المالية.
يستخدم التشفير في المعاملات والرسائل المتبادلة بين الأطراف.
التشفير هو تغيير شكل النص بحيث يغير من شكله المفهوم إلى شكل غير مفهوم وربما غير مقروء، وذلك باستخدام رقم يطلق عليها "مفتاح"، وبحيث يمكن إستعادة النص مرة أخرى بطريقة عكسية إذا تم معرفة مفاتيح التشفير المستخدمة وطريقة التشفيرالتي استخدمت. وطرق التشفير يطلق عليها "خوارزميات تشفير" (طريقة تغيير النص المقروء)، وتشمل الخوازمية طريقة تغيير النص المفهوم إلى نص غير مفهوم والعكس.
إذا تم استخدام مفتاح التشفير نفسه في إستعادة النص، يسمى التشفير متماثلاً Symmetric Encryption.
هنالك تشفير يستخدم مفتاحين أحدهما لتشفير النص والآخر لإستعادة النص، بحيث يمكن أن يحل أي منهما محل الآخر، ويسمي هذا النوع من التشفير الذي يستخدم مفتاحين "بالتشفير الغير متماثل Asymmetric Encryption ".
في التشفير الغير متماثل يمكن أن يحل أي من المفتاحين (الرقمين) محل الآخر، أي إذا استخدم واحد للتشفير فيجب إستخدام الآخر لإستعادة النص، والعكس صحيح.
يسمى أحد المفتاحين بالمفتاح الخاص السري والآخر بلمفتاح العام والذي يمكن نشره.
يمكن أن يخصص لكل جهة ترغب في التراسل المؤمن مفتاحين، أحدهما خاص بها وسري والأخر معلن للجميع وبالتالي يعلم الجميع أن أي رسالة تم تشفيرها بواسطة تلك الجهة، يمكن إستعادة نصها باستخدام المفتاح العامك لتلك الجهة.
إذا أراد طرفان: "س" و "ص" في أن يتراسلان فيمكن أن يستخدم الطرف "س" الراغب في التراسل المفتاح المعلن للطرف "ص" لتشفير الرسائل المرسلة له، وبذلك لا يستطيع أي فرد أن يستعيد نص الرسالة سوى الطرف "ص" والذي يملك المفتاح الخاص به، فعند إستلام الطرف "ًص" للرسالة يمكن أن يسترجع النص عن طريق استخدام مفتاحه الخاص، وبالتالي يضمن المرسل "س" أن الرسالة لن يسترجع نصها إلا الطرف المرسلة إليه "ًص"، حيث أنه لا أحد يملك المفتاح الخاص غيره.
يقوم الراسل بإجراء تلخيص للرسالة بعملية رياضية على نص الرسالة، يكون الناتج من هذه العملية رقماً متفرداً ويمثل هذه الرسالة بحيث أنه لو تغير أي جزء من نصها، لتغير الرقم الناتج من هذا التلخيص.
يقوم المرسل "س" بتشفير الأرقام المختصرة للرسالة بإستخدام مفتاحه الخاص ويرسلها مصاحبة للرسالة، وعند إستلام الرسالة بواسطة الطرف الآخر "ص"، يقوم باسترجاع الأرقام المختصرة باستخدام المفتاح العام للطرف "س" ويقارنها مع الأرقام التي يتحصل عليها عند إجراء نفس العملية الرياضية على نص الرسالة والتي تم إستخلاص الأرقام، فإن وجدها متطابقة يكون محتوى الرسالة موثوق به ولم يتم عليه أي تبديل أو تغيير.
تسمى العملية السابق ذكرها بالتوقيع الإلكتروني.
العمليات السابقة أكدت الآتي: ضمان سرية الرسالة المرسلة، التوثق من المرسل والمرسل إليه باستخدام المفتاح المعلن والخاص لشفرة كل من الطرفين، لا يمكن أن ينكر أي من الأطراف إرساله أو إستقباله للرسالة، وأخيراً الوثوق بأن محتوى الرسالة لم يتم التلاعب به.
بقي أن يتم التأكيد على أن الطرفين "س" و"ص" هما نفس الشخصية التي يدعيها كل منهما. يتم ذلك عن طريق طرف ثالث يصدر شهادة بصحة بيانات كل طرف، وهي ما يطلق عليها الموثق. Certification Authority.
تتم هذه العمليات في الصيرفة الإلكترونية تلقائياً ودون أن يستشعرها أي من الأطراف، وبسهولة ويسر ولا يحتاج أي طرف لتعلم مهارات معقدة أو فهم لهذه العملية التي تم شرحها.
يتطلب تنفيذ التأمين للعمليات المالية أمران: أن يتم تصميم الشبكة بالتأمين اللازم، ويضاف لذلك إنشاء جهة تتولى التوثق من الأطراف ككل وتصدر المفاتيح لجميع الأطراف، وتنسق هذه الجهة مع الجهات المماثلة في الدول الأخرى لتتيح التعامل المالي عبر البلدان بتأمين كامل.
7. الوضع في السودان كبلد نامي.
يتمثل التحدي الحقيقي في البلدان ككل في إنشاء بنية متكاملة ذات هيكلية تتعامل مع العوامل المذكورة أعلاه بما يسمح بتقديم الحلول في شكل بناء لشبكة متكاملة تربط بين المصارف كلها في أنحاء العالم.
يتسم القطاع المصرفي الآن بتغيير مستمر في بيئته، وذلك بتحرير القطاع، دمج المصارف مع بعضها البعض لتكوين مصارف ذات موارد ضخمة، ربط شبكي بين المصارف يتيح أتمتة كاملة للعمل المصرفي، ويتيح انسياب للمعلومات لم يتيسر من قبل الحصول عليها.
تعاني الدول النامية كالسودان من مشاكل عدة يصعب فيها تطبيق طرق وتقنيات الصيرفة الإلكترونية بنفس الأسلوب الذي تم به التطبيق في الدول المتقدمة، ولابد من توطين طرق الصيرفة الإلكترونية بما يتناسب مع البيئة السودانية ومع تطور الحياة عامة فيها.
لا زال استخدام النقود الورقية (الكاش) هو وسيلة الدفع الرئيسية في معظم الحالات (إن لم يكن في جميع الأحوال) التي يتم تبادل خدمات أو بضائع أو أي من المشتريات. ويسبب ذلك عبئاً كبيراً على أطراف عدة: دافع المبلغ، المستفيد، المصرف الدافع للمبلغ، المصرف المستلم للمبلغ، .... إلخ. حيث يعاني كل منهم مشاكل مختلفة ناتجة من التعامل المباشر بالنقد.
لم تستشعر الدول التي لها نظم مصرفية راسخة وتستخدم نظام الشيكات بهذه المشكلة حيث أنها إنتقلت تدريجياً من مرحلة إستخدام النقد إلى استخدام الشيكات وانتقلت تدريجياً لاستخدام وسائل دفع متعددة كبدائل مناسبة لها، وكان من الصعب أن يتم نفس التدرج في معظم الدول النامية، ويرجع ذلك للخوف من وجود أو ظهور مخاطر تتعلق بالوسائل المستخدمة في الدفع لم تظهر مشاكلها في الدول المتقدمة لاختلاف البيئة والثقافة ... إلخ، وبالتالي فقد القطاع المصرفي في الدول النامية جزءً مقدراً من حجم السيولة المتداول في البلاد.
كما لم تنشأ في الدول النامية بعض وسائل الدفع الأخرى لأن معظمها في حاجة لوجود بنية تحتية تعتمد عليها هذه الوسائل وبالتالي تعقدت مشكلة استخدام النقود الورقية وأصبحت دورتها في التداول قصيرة تحتاج لاستبدال سريع وقد تحور مسارها لينقضي وقت مقدر وهي في أيدي الجمهور راكدة في معظم الأحيان.
إن العوامل السابقة يجب أن تعمل على تحفيز السودان كبلد نامي إلى تبني وسائل وأساليب الصيرفة الإلكترونية وأقلمتها لتتناسب مع البيئة في السودان، ويعني ذلك أن يتبنى السودان التقنية التي تتناسب مع بيئته وإنسانه، ويتطلب ذلك عمل الدراسات لإدخال خدمات الصيرفة الإلكترونية وبالتدرج الذي يتيح للأطراف كلها إستيعابها واستحداث الطرق، الإجراءات، القوانين، والوضع الإداري الأمثل لخدمات الصيرفة الإلكترونية المناسبة.
المصدر: منبر الطالب الجامعى .