لم تعد منظمات القرن العشرين صالحة للقرن الواحد والعشرين، بعدما بدأت موجة تحرير التجارة العالمية وانتشرت ظاهرة الخصخصة وحدثت إندماجات وتكتلات واشتدت المنافسة عالميًا ومحليًا، إن منظمة القران الـ 21 لابد وأن تختلف اختلافًا جوهريًا عن المنظمات الحالية سواء كانت تلك المنظمات شركات أو بنوك أو حتى منظمات لا تهدف الربح، فأما أن نتجدد أو نتبدد، لقد أنتهى زمن الشعارات والكلام)، هكذا يصف د. سيد الهواري منظمة القرن الـ 21، لذلك سنتعرف سويًا على تلك المنظمة من خلال عناصر مقالنا، وهي:
أولًا: المتغيرات العالمية مع نهاية القرن الـ 21:
لقد إنهار الاتحاد السوفيتي وتوحد شطري ألمانيا وظهر النظام العالمي الجديد وسيطرت اقتصاديات السوق وانتشرت ظاهرة الخصخصة وبدأت موجة تحرير التجارة العالمية واشتدت المنافسة وسيطرت ثورة التكنولوجيا والمعلومات ووضحت آثار الجودة اليابانية إلى غير ذلك من التغيرات العالمية في نهاية القرن الـ 20، ونوضح فيما يلي بعض المتغيرات العالمية وهي:
1- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات:
لقد أصبحت الحاسبات الآلية في كل مكان، زادت سرعتها وقوتها وإمكانياتها وانخفضت أحجامها وأسعارها ودخلت في شبكات بحيث أمكن الاتصال ببعضها في إدارات المنظمة الواحدة ويبن إدارات المنظمات.
إن التغيير السريع في التكنولوجيا قد خلق فرص عمل غير عادية، انظر مثلًا إلى الانترنت وسيطرتها الكونية، إن هذا التقدم التكنولوجي مكن الشركات من الاعتماد على الغير لتوفير الاحتياجات في الوقت الملائم وبتكلفة أقل، فتأثير تكنولوجيا المعلومات يظهر في تخفيض المهارات أو رفع مستوى قيمة العمل.
ويقول روبرت بالدوك: ( تمضي الشركات في أن تكون عالمية، مدعومة بواسطة شبكات التحالفات وبواسطة التطورات في التكنولوجيا، فقد عززت شبكات الإنترنت ومن يقدمون خدمة الوصل مع شبكة الكومبيوتر، التجارة الإلكترونية، ومكنت الشركات الأصغر من الوصول إلى الأسواق الكبيرة حول العالم، وبذلك لن تحتاج مشروعات اللأعمال التجارية لأن تكون كبيرة ).
2-طبيعة السوق العالمي:
إن تتدفق الأموال والمعلومات أصبح عالميًا، فالمنظمات من مختلف الجنسيات تبيع وتشتري وتستثمر في كل منطقة يظهر فيها فرصة، إن أي منظمة تستطيع أن تعرض سلعها في الانترنت وتستقبل طلبات الشحن والدفع دون أن يكون هناك مكان للتعامل، ولقد أصبح هناك مثلًا شركات تبيع كمبيوتر بالملايين بالانترنت وهي لا تملك في مخازنها أي أجهزة ويمكنها توفيرها للمشترين بسرعة جدًا.
3-تغير وجه المنافسة:
إن التغيرات العالمية المعاصرة فرضت على كثير من الشركات أن تنافس غيرها بقوة وفي نفس الوقت تتحد معها في تكتلات عالمية من أجل زيادة قوتها في الحصول على أسواق أكبر ـ فلم يعد الأمر كذلك مثلًا أيام IBM كل شركة منفصلة عن غيرها بل أصبحت الشركات تدخل في تحالفات قوية ( مثل ميكروسوفت وإنتل ).
4-تغير نمط توظيف الأفراد:
لقد حدث تغير كبير في المنظمات فبعد أن كانت ( المنظمة الكبيرة هي الأفضل ) أصبح الشعار الآن ( المنظمة الصغيرة هي الأجمل ) ولقد تدعمت الاتجاهات الجديدة مثل إعادة هندسة العمليات وتصغير المنظمات وإعادة هيكلة المنظمات.
5-ارتفاع قيمة المعرفة كعامل هام من عوامل الإنتاج:
لقد كنا نؤمن لفترات طويلة بأن الأرض والعمل ورأس المال هي عوامل الإنتاج ( بالإضافة إلى التنظيم ) وأصبح اليوم من الواضح أن الأصول العقلية هي أهم عامل من عوامل الإنتاج على الأطلاق، إن التكلفة الكبيرة اليوم هي التكلفة الناتجة من المعرفة و المعلومات والمهارات المرتبطة بها، وليس المقصود هنا توافر المعرفة عند عدد محدود من الناس في المنظمة بل إنه لكي تتحقق الميزة التنافسية فلابد من وضعها في نظام أو قاعدة معلومات وتكون متاحة للجميع، ومن هنا نلاحظ أن الكثيرين يتكلمون عن عنصر المعرفة أو عنصر المعلومات، كما ظهرت أهمية المنظمة التي تتعلم.
ثانيًا: الخصائص الإدارية والتنظيمية لمنظمة القرن الـ 21:
تختلف منظمة القرن الـ 21 اختلافًا جوهريًا عن منظمة القرن الـ 20: فهي منظمة قوية تمتاز بقوى بشرية قوية سواء كانوا من القيادات على جميع المستويات أو من باقي المسئولين والعاملين، فقادتها على جميع المستويات أقوياء لهم رؤية قوية شجاعة وهم لذلك يحبون التغيير الشامل وليس التغيير الجزئي قليل الفعالية، إنهم يضعون استراتيجيات قوية أو هجومية أساسها السيطرة والانتشار والتميز التنافسي ورضا العملاء، وهم يخلقون قيم وقناعات إنجاز ويركزون عليها بحيث يغيرون الحضارات القائمة سواء كانت حضارات نظم وأدوار أو نظم قوة إلى حضارات إنجاز أساسها الموضوعية المرتبطة بالإنجاز.
إن قادة منظمات القرن الـ 21 يصرون على أن تكون الرؤية مشتركة بين جميع المسئولين والعاملين وليس مجرد رؤية خاصة بهم، وحبهم للتغيير يجعلهم يصرون على وضع نظم تشغيل سريعة ومنضبطة من خلال إعادة الهندسة، وهم ينظرون إلى التنظيم على أنه نظام منسق إراديًا لضمان تدفق العمل: فالهيكل التنظيمي مدمج بمعنى أن مستوياته الإدارية الرئاسية والإشرافية قليلة وهو مرن لمواجهة التغييرات في البيئة الخارجية، والصلاحيات فيه قرب التنفيذ حيث الإيمان باللامركزية المرتبطة بالإنجاز.
والطاقات البشرية تم اختيارها و تدريبها بعناية حيث الاهتمام بالمهارة كما تم تحفيزها ماديًا ومعنويًا بنظم الجدارة وبأساليب ( التمكين ) أي التقوية بالصلاحيات والإحساس بالمشاركة.
واضح أن قيادة منظمة القرن الـ 21 على جميع المستويات لها دور رئيسي، فمن المعروف أن السمكة تفسد من رأسها، وفيما يلي الخصائص السبع لمنظمة القرن الـ 21:
1- القادة على جميع المستويات يحبون التغيير:
لابد لمنظمة القرن الـ 21 من توافر قيادة لها رؤية وتؤمن برسالة المنظمة؛ فالرؤية والرسالة وباقي العناصر الأخرى لا تتم في فراغ فلابد من قائد ـ وليس مجرد مدير ـ يعلم على إقناع الناس من حوله بالرؤية والرسالة حتى يستطيع الجميع احداث التغيير، وهو ليس مجرد مدير يحافظ على الأحوال القائمة ولكنه قائد للتغيير، للتغيير الشامل، ولذلك فنحن نقول أنه قائد تحويلي وليس مجرد قائد تقليدي ي الأحوال العادية.
ويضيف مايكل كاي: ( إحدى الدراسات الرئيسية المعدة من قبل برايس ووتر هاوس كوبرز حول المؤسسات التجارية الأوروبية أظهرت أن تلك المؤسسات التي تتمتع قياداتها ببراعة على صعيد التحولات التي تتطلب إحداث تغيرات في كل جانب من جوانب المؤسسات في آن معًا، حققت إنجازًا يفوق بنسبة 60% إنجاز المؤسسات الأخرى الأدنى منها براعة على هذا الصعيد ).
2- رؤية واحدة ورسالة مشتركة:
تحتل الرؤية والرسالة أولوية خاصة في منظمة القرن الـ 21 فبدون الحلم الذي هو بمثابة القوة التحفيزية الكبرى للجميع يفقد التجديد الشامل أهم مقوماته، فكما سنرى فإن الرؤية والرسالة بمثابة ( الأسمنت الانفعالي ) للقيادات والعاملين.
3- استراتيجيات هجومية ( محورها التميز التنافسي ورضا العملاء التام ):
فإذا كانت هناك رؤية واضحة للجميع ورسالة واضحة للجميع ( تعكس المبرر من وجود المنظمة ) وهناك قيادة قادرة على تعبئة الناس لهذه الرؤية والرسالة فلابد من تكوين استراتيجية ملائمة للقرن الـ 21 تميل إلى أن تكون قوية أو هجومية يتم وضعها في ضوء ما يفعله أفضل المنافسين، حيث تكون استراتيجيات أفضل المنافسين بمثابة الأطار المرجعي للمقارنة.
4- قيم وقناعات الإنجاز ( حضارة الإنجاز ):
في منظمة القرن الـ 21 لابد من تكييف حضارة المنظمة ـ أي مجموعة القيم والقناعات المشتركة والموجهة للسلوك ـ للرؤية التي تتبناها المنظمة، والاستراتيجية الموضوعة، فقد أثبتت التجارب أن الأحلام والاستراتيجيات تنكسر على حجر ثبات القيم والقناعات المشتركة في أي منظمة، ولذلك فلابد من تكييف حضارة المنظمة لرؤية المنظمة ورسالتها.
5- نظم تشغيل سريعة ومنضبطة ( من خلال إعادة الهندسة ):
إن نظم التشغيل في منظمة القرن الـ 21 لابد وأن تكون غاية في البساطة حيث تتميز بالسرعة والدقة دون التضحية بالمتطلبات الرقابية، ومن الضروري أن يتم وضع هذه النظم من خلال إعادة هندسة العمليات.
6- هيكل تنظيمي مدمج مرن وصلاحيات قرب التنفيذ:
إن الهيكل التنظيمي لمنظمة القرن الـ 21 لابد وأن يكون مدمجًا أي مفرطحًا وذلك بالاقلال من المستويات الأدارية، هيكل يقل فيه عدد الموظفين الداعمين ويزيد فيه عدد الموظفين المنتجين للربح، هيكل تنظيمي ينقل الصلاحيات قرب التنفيذ.
7- موارد بشرية ماهرة ومحفزة للإنجاز:
وأخيرًا فإنه لابد من توفير مهارة الموارد البشرية بالانتقاء وبالتدريب والتطوير وبالتحفيز ...... إلخ، فبدون مهارة الموارد البشرية لا يمكن لمنظمة القرن الـ 21 أن تحقق أهدافها بالمستوي المرجو، وكما هو معروف فإن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية توفير هذه المهارة في أي منظمة.
وباستعراض العناصر السابقة لمنظمة القرن الـ 21 يمكننا القول بأن هناك أربعة عناصر لها أهمية قصوى وتحتاج إلى إرادة وإدارة وصبر لتحقيقها لأنها متعلقة بالبشر: فكرًا وقناعة وسلوكًا ومهارة، وتسمى هذه العناصر بالعناصر الخفيفة في المنظمة، أما العناصر الأخرى فهي العناصر الصلبة ولقد كانت منظمة القرن الـ 20 تهتم بها كثيرًا، وهما:
1. العناصر الخفيفة: كالموارد البشرية والقيم والقناعات والرؤية والرسالة والقيادة وغيرها.
2. والعناصر الصلبة: كالهيكل التنظيمي، ونظام التشغيل، والاستراتيجية الإدارية.
(ليس هناك محرك يقود المؤسسات نحو التميز والنجاح على المدى الطويل أقوى من وضع رؤية للمستقبل يتفق عليها الجميع تتميز بجاذبيتها وأهميتها وإمكانية تحقيقها)
بيرت نانوس.
يقول د.سيد الهواري: (الرؤية بمثابة حلم عن منظمة أفضل، والرؤية الواحدة المشتركة بمثابة "الأسمنت الانفعالى" الذي يجعل المنظمة كلها تتحرك في إتجاه واحد، ولها قوة عظيمة تجعلها قادرة على الإبحار وسط الأمواج الصعبة.
وتعبر الرسالة عن المبرر من وجود المنظمة وإقتناع العاملين بهدف أكبر من أهدافهم الشخصية يجعلهم قادرين على تحدي الصعاب، والإقتناع بالرسالة عامل حاكم)، لهذا عزيزي القارئ سنتعرف على الرؤية المطلوبة في منظمات القرن الـ 21 وذلك من خلال عناصر مقالنا، وهي:
أولًا ـ ما معنى الرؤية؟ وما أهميتها؟
إن أحد مفاتيح منظمة القرن الـ 21 هي وضوح صورة المطلوب إنجازه عند الجميع، إنهم منفعلون بما يريدوا أن يحققوه معًا وهم متفقون على ذلك.
إن الرؤية الجذابة لأي منظمة لها قوة عظيمة تجعلها قادرة على الإبحار وسط الظروف الصعبة، فالرؤية تجمع الناس حول حلم مشترك وهي بذلك أداة تنسيقية قوية بين مختلف الأفراد في المنظمة في المستويات والمناصب الإدارية المختلفة وتساعد كل شخص على صناعة قراراته في ضوء هذه الرؤية الموحدة للجميع، وهي بطبيعتها حلم للمستقبل فهي تتحدى الأحوال الساكنة وتجعل السلوك الهادف أكثر وضوحًا.
وإن من أفضل الرؤى الواضحة المعبرة تلك الرؤية التي أعلنها جون كيندي عام 1960م حيث قال:
(إنني أعتقد أن هذه الأمة يجب أن تلزم نفسها بتحقيق هدف ـ قبل إنتهاء هذا العقد ـ بإنزال رجل على القمر وإعادته سالمًا إلى الأرض)، إن هذه الرؤية والإعلان كان بمثابة "مانيفستو" والقوة التحفيزية التي أعطت معنى واتجاه ليس فقط لبرنامج الفضاء بل أيضًا لحياة المهنيين المبدعين في الحكومة.
ويقول روبين سبكيولاند: (لقد حاول أحد الصحفيين أن يعرف مدى تأثير رؤية الرئيس على العاملين في وكالة ناسا، فقام بزيارة مقر الوكالة، فلاحظ أن المهندسين والعلماء يعملون بسرعة محمومة، ولكن أكثر شيء أثار دهشة الصحفي هو عامل النظافة الذي كان يمسح الأرض.
لقد توقف الصحفي وسأل عامل النظافة: ماذا تفعل هنا؟ عندها رفع عامل النظافة هامته ونظر إلى عين الصحفي مباشرة، وقال: (أنا أساعد في إرسال أول رجل فضاء إلى القمر).
لقد كانت رؤية جون كينيدي قوية للغاية وألهمت العاملين في كل مكان، ورغم أن جون كينيدي قد تعرض للاغتيال في عام 1963، فإن رؤيته لم تمت معه، ففي عام 1969م، حقق الشعب الأمريكي حلمه، لقد ألهمت رؤية كينيدي كل فرد في أمته، بما فيها عمال النظافة).
ويقول مايكل كاي: (تتحدث الرؤية عن كونك القائد في صنع أفضل الأشياء أو تقديم أفضل الخدمات للزبائن، هناك إجماع مطلق في أوساط النخبة القيادية على أن تحديد رؤية ذات مغزى يشكل واحدة من أهم مقومات قيادة التغيير الناجح.
ينبغي للرؤية أن تستحوذ على انتباه واهتمام العاملين عن طريق تحديدها لحيثيات السلوك التجاري، كلاهما القيادة والرؤية: يتمحوران حول إنشاء مؤسسة بوسع أفرادها التواصل والإحساس بشعور مشترك من الفخر حيالها والرغبة في الإلتزام ببذل جهود إستثنائية في سبيلها.
الناس بحاجة لهدف مشترك يدفعهم إلى بذل جهد استثنائي وخلق الالتزام الثابت المطلوب لتحقيق أداء متميز بشكل متواصل.
فالرؤية أو الهدف المطلوب يجب أن يكون عبارة عن صورة عقلانية بسيطة للمرحلة المستقبلية المتسمة بالتحدي والواقعية؛ والأهم من كل شئ أن تكون جذابة بالنسبة للناس الذين سيعملون على تحقيقها.
لقد أججت استراتيجية هنري فورد ورؤيته المشاعر القوية والثابتة المطلوبة لتحقيق الطموح التجاري في الروح الفردية لكل فرد من أفراد شركته، لقد حدد هدفًا بالنسبة لإنتاج السيارات بوسع موظفيه أن يتواصلوا ويتفاعلوا معه.
إن الرؤية الناجحة هي الرؤية التي تكونت بالإحساس والشعور والتفكير الإبتكاري والإبداعي (تفكير الجانب الأيمن من المخ) بالإضافة إلى التحليل المنطقي (تفكير الجانب الأيسر من المخ)، فالرؤية بطبيعتها مسألة إنفعالية فهي مثل الحب له قوة غير عادية في إجتياز الصعاب أما إذا لم تكن الرؤية إنفعالية فسيكون من الصعب على الأفراد أن يشتروها حقيقة.
وفي كثير من الأحوال نجد أن الأفراد والمجموعات غير راضين عن أحوالهم ويفرحون بوجود رؤية تنقلهم إلى عالم أفضل، ولكنهم عادة ما يكونون غير صبورين ولابد من إشعارهم بأن ذلك من طبيعة الأمور، ولابد لهم أن يتخذوا برامج إيجابية لتحقيق تلك الأحلام.
ومن الأهمية بمكان أن يشارك كل الأفراد في توضيح الرؤية ولا يكفي اختيار عيِّنة ممثلة منهم، إن إختيار مجموعة من الناس لتمثل جميع العاملين في توضيح الرؤية غير مفيد فلا يلتزم الناس عادة باكتشافات الآخرين، إنهم يريدون أن يعيشوا في عملية الحلم للمستقبل بمخاطره وفرصه، ويجب ألا يعتبر اشراك الجميع في توضيح الرؤية من سبيل ضياع الوقت لأن هذا الوقت يساعد الناس على الالتزام بما يقتنعوا به.
إن مرحلة معايشة صنع الرؤية مهمة تمامًا مثل النتيجة التي يتم التوصل إليها (صياغة الرؤية) وإذا كان الفريق الرئيسي الذي تم اختياره قد توصل إلى رؤية عن المنظمة فلابد من توزيع تصورهم هذا، وطلب تصورات باقي الأعضاء من متخذي القرارات والمشرفين وحتى المنفذين.
لهاذا فإن شمول الرؤية هو (الوتر الإنفعالي والحلم المطلوب تحقيقه) للمبرر من الوجود يربط الرؤية بالرسالة: ذلك على اعتبار أن رسالة المنظمة هي المبرر من وجودها، وذلك فأحيانًا ينظر إلى الرؤية على أنها تحوي رسالة المنظمة أيضًا إذا هي شملت المبرر من الوجود.
لذلك عينا التعرف على الرسالة:
ثانيًا ـ ما معنى رسالة؟ وما أهميتها؟
تعبر الرسالة عن الغرض الذي من أجله وجدت المنظمة وتهتم أساسًا بالإجابة على التساؤلات التالية: ـ لماذا وجدت المنظمة؟ ـ ما هي طبيعة عملها؟ ـ من هم عملاءها؟ ـ ما هي القيم التي تحكم عمل المنظمة؟
الرسالة هي بيان مكتوب يوضح اتجاه المنظمة فيه إجابة على مجموعة تساؤلات:
1- الغرض من إنشاء المنظمة، وهل الهدف هو تحقيق أقصى ربح مثلًا للملاك أو ربح معقول، أو تقديم قيمة مضافة للعملاء أو للمجتمع، ما هو الأهم وما هو التابع؟
2- القيم والقناعات والأخلاقيات التي تلتزم بها المنظمة: المسئولية الأخلاقية، قيم الإنجاز، النظرة إلى الموارد البشرية، ... إلخ.
3- الاستراتيجية أو المسارات الرئيسية: مثل التركيز على قطاعات معينة من العملاء، أو التركيز على جودة المنتجات، أو التركيز على الخدمة والتميز التنافسي.
4- السلوك المتوقع من أعضاء المنظمة مثل التركيز على الأجل الطويل أو الأجل القصير، المعايير السلوكية عما هو صواب أم خطأ ... إلخ.
وفيما يلي معايير الحكم على بيان رسالة جيدة:
المعايير | الرسالة | ü |
الغرض | - هل يذكر بيان الرسالة غرضًا مؤثرًا (ملهمًا) بعيدًا عن أنانية مصالح الملاك والموظفين والعملاء. - هل يشرح البيان مسئولية الشركة نحو أصحاب المصالح فيها. | |
الاستراتيجية | - هل يحدد بيان الرسالة مجال عمل الشركة ويشرح سبب جاذبيته. - هل يشرح بيان الرسالة الموقف التنافسي، الميزة التنافسية. | |
القيم | - هل يحدد بيان الرسالة القيم التي تربط بين غرض المنظمة وقناعات الموظفين. - هل تقوي القيم والقناعات الواردة في بيان الرسالة استراتيجية المنظمة. | |
معايير سلوكية | - هل يشرح بيان الرسالة المعايير السلوكية الهامة التي تدعم القيم والإستراتيجية. - هل تم توضيح المعايير السلوكية التي تجعل من السهل على الموظفين الحكم على ما إذا كان سلوكهم سليمًا أم لا. | |
شخصية المنظمة | - هل يوضح بيان الرسالة بروفيلًا للشركة يجسد القيم والقناعات. - هل بيان الرسالة سهل القراءة والتذكر. | |
هذه كانت عزيزي القارئ معايير وضع رسالتك، وعليك عزيزي القارئ أن تضح رؤيتك ( المستقبلية ) للمنظمة التي تعمل بها، أو حتى لنفسك:
رؤيتي My Vision
وختامًا:
يقول مايكل كاي: ( كل الدراسات تبين أن كل الناس خلال الأزمات تتطلع إلى قادتها لإدراك أبعاد المشكلة، فالعبء الأعظم يقع على عاتق المدير التنفيذي )، وهذا ما سنبدأ به عزيزي القارئ في المقال القادم، وهو أهمية القادة في منظمات القرن الـ 21، وصفات هؤلاء القادة المحبين للتغيير إلى الأفضل.
المصدر: مفكرة الإسلام .