السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ........ أهلا ومرحبا بكم في ساحة التنمية البشرية والتطوير الإداري

‏إظهار الرسائل ذات التسميات التكنولوجيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التكنولوجيا. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 2 أكتوبر 2011

مجتمع المعلوماتية والعولمة وتحديات المستقبل

تشكل تقنية المعلومات والاتصالات إحدى أعظم القوى الكامنة التي تساهم في تشكيل ملامح القرن الحادي والعشرين، وينعكس تأثيرها الثوري على طريقة حياة الناس وتعليمهم وعملهم، وعلى طريقة تفاعل الحكومات مع المجتمع المدني. وبسرعة تغدو تقنية المعلومات والاتصالات محركا حيوياً للنمو في الاقتصاد العالمي، وهي تؤهل أيضاً كثيراً من الأفراد والجماعات والشركات التي تتميز بالإقدام، لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية بفعالية أكبر وبقدرة عظيمة الإبداع، حيث إن جوهر التحول الاجتماعي والاقتصادي الذي تقوده تقنية المعلومات يتجلى في قدرتها على مساعدة الأفراد والمجتمعات على استخدام المعرفة وإبداع الأفكار.

وتتلخص رؤيتنا لمجتمع المعلومات في أنه مجتمع التأهيل الأفضل لاستنهاض قوى الناس الكامنة وتحقيق طموحاتهم، فقد دفعت نهاية الحرب الباردة بين المعسكرين دول الغرب الرأسمالي إلى رسم سيناريو عالمي جديد قائم وفق فكرة انتصار الفكر الرأسمالي واقتصاد السوق - الشيوعي والرأسمالي - كانت الولايات المتحدة في طليعة الدول التي نادت بوضع نظام عالمي جديد بدلاً من نظام الحرب الباردة الذى ميَّز جانبا مهمّا من السياسات والتحالفات الدولية التي ظهرت في نهاية الحرب العالمية الثانية، واستمرت حتى عقد التسعينيات من القرن الماضي، كان النظام العالمي الجديد - الذي روجت له الولايات المتحدة - نظاماً مرتكزا إلى وجود قطب واحد في المركز تحتكره لنفسها، فيما تدور باقي دول العالم في المحيط، وهو ما يعني أنه نظام هادف إلى نشر القيم الأمريكية.

إن هذا التطور - الذي لا سابق له في العلاقات الدولية - عزَّز بروز ظاهرة العولمة وانسحابها على مختلف ميادين الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والتقانة، وهي التي تهمنا في بحثنا هذا، والعولمة من حيث هي، قاطرة الاندماج الاقتصادي وتوحيد الأسواق الدولية وتفعيل قوى السوق، تصبّ في مصلحة القطب الأقوى اقتصاديا وسياسياً وعسكرياً وثقافيا، أي الولايات المتحدة.

والعولمة كظاهرة ومفهوم، دلالة استنسابية، فبعضهم ربطها بمجموعة المفاهيم والإيديولوجيات وسيرورتها في الطروحات المركزية الغربية، وبأشكال العلاقات الاقتصادية المتغيرة، وبالإنتاج السلعي الرأسمالي والتيارات الفكرية التي تقود فعالياتها في تلك المجتمعات ومقدرات المجتمع الإنساني؛ وبعضهم طابق بين العولمة ومفهوم الأمركة، بفرض أن الولايات المتحدة تمثل في المرحلة الحالية مركز الاستقطاب الدولي أحادي الجانب، وآخرون ربطوها بالانفجار المعرفي وتطور التقانة العصرية في المعلوماتية الكاسحة التي جعلت من الكوكب الأرضي قرية كونية صغيرة.

ومازالت المطارحات الجدلية الفردية والجماعية، والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية متعددة المناقب في لهاثها وتسارعها الجدلي الملحوظ داخل مجتمعات العولمة ذاتها، والبِنَى المجتمعية التابعة والساكنة في رحابها وظلالها أو المندمجة معها بوعي أو بدونه.

تاريخ تقنية المعلومات

منذ أكثر من خمسين سنة مضت، ظهر الحاسب الآلي عام (1948م)، واتخذ تطوره مساراً من عدة نقلات نوعية يرمز إليها بالأجيال الأربعة، والتي كان الفيصل فيها هو التغيير الذي طرأ على العنصر المادي الأساسي المستخدم في بناء وحدة المعالجة المركزية والذاكرة. وساد القطب الأمريكي على صناعة الحاسبات عبر هذه الأجيال الأربعة من عتاده، والتي وفرت طاقة حسابية هائلة لم تتمكن البرامج من استغلالها، وظلت الهوة تتسع بين إمكانات العتاد وقدرة البرمجيات التي ما تزال إلى حد بعيد حرفة لم تخضع بعد للضبط المنهجي الدقيق وتفتقد في كثير من جوانبها إلى الأسس العلمية الدقيقة. هذه هي الفجوة التي حاول القطب الياباني النفاذ منها ليفرض هيمنته على تقانة المعلومات، وجاء المشروع الياباني نافذاً منها ليفرض هيمنته على الولايات المتحدة وأوروبا، في صورة مشروع طموح مدته عشر سنوات من عام (1982م - 1992م)، أطلقوا عليه مشروع الجيل الخامس، الذي تبوأت البرمجيات موضع الصدارة منه ليتوارى العتاد خلفها.

ولقد سعى مصممو الجيل الخامس إلى تطوير حاسب ذكي قادر على التحليل والتركيب، وعلى الاستنتاج المنطقي، وحل المسائل، وبرهنة النظريات، وفهم النصوص، وتأليف المقالات. لقد راهنت اليابان بمصيرها في تقانة المعلومات على هندسة وأساليب الذكاء الاصطناعي. وبرزت ملامح الخريطة الجيومعلوماتية، في صورة قطبين أمريكي وآسيوي يسعى كل منهما لاحتواء الآخر، وكيان أوروبي مشترك يَعِدُّ الأمن المعلوماتي أحد الأهداف الرئيسية لتكتله الاقتصادي والسياسي.
ومن خلال ذلك تابعت الولايات المتحدة تطوير تقانة المعلومات، فقد أقامت المشاريع المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية شبكة أربانيت، للربط بين الجامعات ومراكز البحوث الأمريكية ضماناً لاستمرار التواصل بين العلماء ومتخذي القرار العسكري والسياسي، في حالة حدوث ضربة سوفيتية نووية مفاجئة، وكانت البداية عام (1969م)، عندما أقيمت هذه الشبكة للربط بين المركز الدولي للبحوث التابع لجامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وجامعة كاليفورنيا في مدينة سانتا بار بارا وجامعة ولاية يوتا. من هذه النواة الرباعية ظلت الشبكة تنمو بمعدلات هائلة حتى أصبحت - بلا شك - الشبكة الأم أو شبكة الشبكات أو ما تعرف بالإنترنت.

إن الإنترنت حالياً بمثابة تحقيق فعلي لاستعارة القرية الإلكترونية التي رددناها في الماضي، وهي أيضاً خطوة عملية لإثبات مفهوم مجتمع المعلومات الذي شكك البعض في صحته. لقد وفرت لأول مرة وسيلة فعالة لسرعة النفاذ إلى المعلومة، وسرعة انتشارها ونشرها وتوظيفها، علاوة على ذلك، فقد أبرزت بصورة سافرة أننا بصدد وضع اقتصادي جديد هو اقتصاد عصر المعلومات، وذلك نظراً لتناقض اقتصادي جوهري خلاصته أن موارد المعلومات على عكس الموارد المادية، لأنها لاتنقص بل تزيد مع زيادة استهلاكها.

مجتمع المعلوماتية وعصر العولمة

يبزغ اليوم شكل جديد للتطور المجتمعي يعتمد في نمط سيطرته ونفوذه على المعرفة العلمية المتقدمة، وعلى كفاءة استخدام المعلومات في جميع مجالات الحياة، ويتعاظم فيه دور صناعة المعلومات بوصفها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاديات الوطنية، وتتعزز من خلاله الأنشطة المعرفية لتتبوأ أكثر الأماكن حساسية وتأثيراً في منظومة الإنتاج الاجتماعي، وهو ما نطلق عليه اليوم مجتمع المعلومات الذي تطور عن المجتمع الصناعي وتميز عنه في كثير من الوجوه. فبينما اعتمد المجتمع الصناعي في مراحل تطوره الأولى على التجارة والحديد والفحم وعلى قوة العمل الإنساني والإدارة الرأسمالية التي وظفت قوة الدولة العسكرية لتأمين تدفق المواد الأولية، ولفتح الأسواق، وانتقل في مرحلة لاحقة للاعتماد على الطاقة الكهربائية والنفط والطاقة الذرية مستفيداً من منجزات الإدارة الحديثة والشركات الوطنية المساهمة، والأحلاف العسكرية لتأمين أسواقه وموارده الأولية، فإن مجتمع المعلومات يعتمد أساساً على قوة العقل البشري والإلكترونيات الرقمية والهندسة الحيوية وثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعي، كما يتصف بظهور فَاعِلِين جدد على الساحة الدولية كالشركات المتعددة الجنسية التي انتقل تأثيرها من المجال الاقتصادي إلى النطاق السياسي عبر توظيف ثقلها المالي والاقتصادي في صناعة القرار السياسي.
أما المستجدات التي رافقت ظهور مجتمع المعلومات كالانفجار المعرفي وتغير مفهوم الزمن وتسارعه، إلى جانب التقدم التكنولوجي وما ترتب عليه من اتساع الفضاء الجغرافي ليشمل جميع أنحاء المعمورة، إلى جانب محاولات نشر الثقافة والقيم الأمريكية، فما هي إلا مظاهر للعولمة يمكنها أن تلقي مزيداً من الضوء على ما يجري، وأن تساهم في تحليل معالمه تلك.

فالثورات المعرفية التي يعيشها العالم في الطاقة وعلم الأحياء والفلك، لا تنفصل عن الاختراعات والتطبيقات التي ساهمت في تغيير وجه العالم. فمع اختراع المطبعة في بداية القرن السادس عشر كان إنتاج أوروبا لا يتجاوز ألف عنوان سنوياً، في حين أصبح حوالي ألف عنوان يومياً، والتراكم المعرفي يتزايد يوماً بعد يوم. وتشير الإحصاءات إلى أن (90%) من العلماء الذي أنجبتهم البشرية إلى الآن يعيشون بيننا اليوم، ويتركز معظم هؤلاء العلماء في الدول المتقدمة، في حين أن 10% من مجمل علماء العالم فقط يعملون في البلدان النامية. ويُكَمِّل التطورُ التقنيُ التقدمَ العلميَ وينجم عنه، كما يتوقع الكثيرون ظهور نتائج عميقة وبعيدة المدى نتيجة للطبيعة الاقتحامية والتحويلية للتقنية على مختلف الصعد، وذلك من خلال ما تقدمه من سلع وخدمات أو بما تولده من حاجات جديدة. وقد انعكست التطورات السابقة بشكل ملموس في الميدان الاقتصادي، لكنها اكتسبت ديناميكية جديدة في عصر العولمة؛ صحيح أن المسألة بدأت مع الرأسمالية التجارية أو ما كان يسمَّى بالتجارة البعيدة التي أعقبت الكشوف الجغرافية الكبرى، وتطورت في عصر الثورة الصناعية والإنتاج الآلي وصولاً إلى الاحتكارات الكبرى وتصدير رؤوس الأموال، ولكننا اليوم وفي عصر العولمة أمام تغيرات نوعية يشهدها الاقتصاد العالمي تجد تعبيراتها في نشاط الشركات المتعددة الجنسية، وفي اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، وفي التكتلات الاقتصادية الكبرى - كالاتحاد الأوروبي والنافتا، بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، والآسيان ..
وغيرها - وما يلازمها من وسائل متطورة في السيطرة على الأموال والمدخرات عبر نظم التشغيل المالية والنقدية التي تتحكم في الأمور والأرصدة والبورصات والأسهم والسندات في البنوك وبيوت المال الكبرى، ولعل ما حدث في شرق آسيا في الآونة الأخيرة مثل كوريا وإندونيسيا وسنغافورة وماليزيا وتايلاند نتيجة للمضاربات المالية وحدوث انهيار شديد في بورصات هذه الدول، وتراجع في معدلات نمو ناتجها الملحلي وصادراتها، وامتداد هذا كله ليشمل اليابان نفسها على الرغم من مناعتها الاقتصادية، وقدراتها الصناعية الهائلة، يشكل مؤشراً خطيراً على الفوضى التي تعيش في قلب النظام، وعلى تعايش العشوائية والتحول المنظم جنباً إلى جنب في عصر العولمة المليء بالمتناقضات.

وهكذا ينحو التطور في هذه القرية الكونية التي أنتجها مجتمع المعلومات، نحو تكوين عالمين متنافرين ومتناقضين لا علاقة لأحدهما بالآخر، عالم النخبة المندمجة داخل مجتمع المعلومات وبفضله، والتي تستخدم اللغة نفسها والمنطق نفسه، وتخضع لمعايير مشتركة وموحدة؛ وعالم الأغلبية المسحوقة من سكان المعمورة الذين يفقدون تدريجياً كل ركيزة مادية أو معنوية تسمح لهم بتحديد هويتهم أو مكانتهم أو دورهم في العالم وتحرمهم من أي مرجعية فكرية كانت أم روحية.

أثر الثورة التقنية ومخاطرها

على خلاف ما يشيعه الفكر التبسيطي السائد، لا تساعد الطفرة التقنية المجسدة في ثورة المعلوماتية والاتصالات على تجاوز التناقضات والتوترات التي ورثها مجتمع المعلومات عن المجتمع الصناعي، ولكنها تعمل على تعميقها وإضافة مشاكل جديدة أكبر إليها. ومن المشاكل التقليدية التي ستتفاقم حدتها في المراحل القادمة، على الرغم من تضاؤل خطورتها وأهميتها إزاء المشاكل الجديدة المطروحة، التخلف الذي يمس مناطق واسعة من الكرة الأرضية، والفقر والاستغلال وانعدام الأمن والاستقرار والبطالة.

أما المشاكل الجديدة التي سوف يضيفها مجتمع المعلوماتية إلى المشاكل الموروثة، فهي من نوع مختلف وأكثر خطورة، لأنها أكثر شمولاً وأقل قابلية للحل من أفق الأطر الوطنية أو المحلية والإقليمية، وتحتاج إلى مناهج جديدة ووسائل مختلفة، ومن هذه المشاكل، مشاكل: البيئة، وتلوث مصادر الطبيعة ونفاذها، وفي مقدمتها المياه والهواء والتربة، ومنها ضياع الهوية،ونشوء مناطق واسعة يسيطر عليها الفاقة والجهل وانعدام التربية والتأهيل والتكوين المهني والأخلاقي، أي تخضع للفوضى والحروب المستمرة، ومشاكل انتشار الأوبئة والأمراض المعدية والإيدز وما يمكن أن يظهر في المستقبل من عوارض يصعب حصرها في مكان واحد ومحاربته على صعيد وطني، وكذلك مشاكل السيطرة الأحادية وإيجاد وسيلة للتحول التدريجي نحو عالم متعدد الأقطاب وبناء المؤسسات التي تسمح بالتداول والتبادل بين مختلف أطرافه في سبيل تجنب مواجهات تقود إلى الدمار الشامل واستخدام أسلحة ذات قدرات تدميرية شمولية.
ومن هنا يتبين لنا ما يمثله الوطن العربي من حيث الموقع الاستراتيجي والموارد الطبيعية والأسواق المستهلكة، كهدف كبير لمصالح ومطامع دولية كثيرة ومتشعبة؛ ويزيد هذا الواقع تعقيداً العلاقة الخاصة التي تقوم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، من حيث استغلال الحركة الصهيونية لواقع الصراع المزمن بين العرب والغرب بإقامتها تحالف عضوي مع دول الغرب الأطلسي، لا سيما مع الولايات المتحدة، من أجل حماية كيانها وتعزيز مصالحها وتطوير قدراتها التقنية والعسكرية. كل ذلك يضع العرب عامة والدول الإسلامية خاصة أمام عدوين منفصلين ومتصلين في آن واحد، من دون أن يكون للعرب - بعد انهيار الاتحاد السوفيتي - حليف استراتيجي من بين الدول الكبرى لموازنة الولايات المتحدة، والتي أصبحت مع بداية التسعينيات الميلادية القطب الدولي الأكبر والأقدر على الانفراد بزعامة النظام الدولي الجديد، والتأثير في علاقات القوى الدولية. فقد انقسم الفكر العربي المعاصر أمام ثورة المعلومات وطفرة الاتصالات وصعود القوة الإعلامية وما يبعثه كل ذلك من حركة توحيد الفضاءات العالمية - الاقتصادية منها والسياسية والثقافية - بين من يعتقد أن العولمة التي تسير إليها البشرية تحمل في ثناياها الدواء الناجح لجميع الأمراض التي لا تزال تحملها الإنسانية من العصر البدائي الأول حتى عصر الصناعة، وبين من يرى في العولمة خدعة لفظية تهدف إلى التغطية على الهجمة الإمبريالية الجديدة والتشريع السحري لها.

إن العلم والتقنية هما متغيران جوهريان، وهما المحرك الرئيس للاقتصاد العالمي، ومن الصعب جداً البدء في فهم ظاهرة التنمية والتصنيع والعولمة من دون الاعتراف أولاً بالعلم والتقنية كمنبت لكل هذه الأنشطة، وبأن السياسيين والاقتصاديين والمخططين العرب - على عكس أمثالهم في بلدان أخرى - ينظرون إلى العلم والتقنية كمتغيرين عرضيين أو غير جوهريين.

وسيكون من الصعب على البلدان العربية البقاء حية في اقتصاد عالمي من دون الاستفادة من سياسات وطنية للعلوم موضوعة لتوجيه منظومة علوم وتقنية فعالة.

ويشكل التحدي العربي الإسلامي، أكثر التحديات جدية للسيطرة الغربية الثقافية عموماً وللولايات المتحدة خصوصاً، لأنه قائم في منطقة تحتضن أضخم احتياطات النفط، ولأنه فاعل من ضمن سياق إيديولوجي متماسك وله أصداؤه في أرجاء العالم الإسلامي في إفريقيا وآسيا، وكذلك في المجتمعات الإسلامية المهاجرة في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية. إن حاجتنا الدفاع عن هويتنا الثقافية لا تقل عن حاجتنا إلى اكتساب الأسس والأدوات التي لابد منها لدخول عصر العلم والتقنية، وفي مقدمتها العقلانية والديمقراطية. إن عمليات العولمة ومنجزات ثورة الاتصالات والمعلومات تخلق علاقات قوى جديدة على الصعيد العالمي، نظراً لارتباط تلك المنجزات بدرجة من التقدم التقني في بلدان الشمال، تجعلها مبنية منذ البداية على عدم المساواة بين الذين يمتلكون مقومات هذا التقدم التقني ومفاتيحه، وبين الذين يقتصر دورهم على كونهم المستهلكين والمستقبلين. وتلك كلها قضايا لها صلة وثيقة بطبيعة التحديات التي تطرحها عمليات العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات بالنسبة لمسارات التطور الاقتصادي والتطور الاجتماعي والتطور الديمقراطي في المنطقة العربية في هذا القرن الجديد.

وقد حققت الإدارة الأمريكية - من دون شك - جزءاً كبيراً من هذه التحديات، فعلى الرغم من التنافس المستمر بين الدول الصناعية الكبرى على تقاسم الكعكة الاقتصادية المرتبطة بسوق المعلوماتية والاتصالات، نجحت في الحفاظ على وحدة التكتل الصناعي وإخضاع الطروحات المتعلقة ببناء السوق العالمية إلى مفاوضات تحصل داخل إطار الجات، كما نجحت في إطار الجات، ثم في إطار منظمة التجارة العالمية التي روثته، في تأكيد أرجحيّة مصالحها. ونجحت هذه المنظمة أيضاً في فتح الطريق لتوسع نشاطات الشركات الكبرى في البلاد الأخرى، وهي تساهم مع صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية التي تدفع نحو التخصيص، في توسيع هذه السوق لتشمل معظم مناطق العالم، ثم إن التعاون العلمي الذي بدأ يتحقق بين البلدن الصناعية والذي أطلق عليه البعض اسم عولمة العلم، يقدم فرصاً للاستثمار في البحث العلمي لا مثيل لها، ويترك جميع البلدان الصغيرة، النامية وغير النامية، خارج دائرة التنافس الفعلي في ميدان العلم والتقنية.

عصر المعلومات

إن الدور الذي لعبته تقنية المعلومات والاتصالات عبر التاريخ في التأثير على المجتمع،إضافة إلى العلاقة التفاعلية التي زادت وتعقدت بين تقنية المعلومات والاتصالات وسائر قطاعات المجتمع، والتي تؤكد في الربع الأخير من القرن الماضي - بعد أن اصبح هذا القطاع هو القطاع الأساسي في المجتمع المعاصر، وأصبح يطلق على المجتمعات المتطورة تقنيا مجتمعات المعلومات - تمييزاً لها عن عصرين أو نمطين سابقين للحياة أو للتطور وهما نمطا الزراعة والصناعة، فقد شكلت المعلومات إذن سمة في مجتمعات ما بعد الصناعة، فمنذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي، شكل ذلك القطاع واحدا من أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد العالمي.
ونتيجة لهذا التطور الهائل في تقنية المعلومات أصبح العالم الآن متشابكاً ومترابطاً إلى درجة لم تشهدها البشرية من قبل. ولكن لكي يكون هذا العصر ذا طيات إيجابية لابد أن تستخدم المعلومات المتاحة في خدمة القيم الخالدة، إن المطلوب هو أن نعيد عصر المعلومات إلى عصر المعرفة ومنه إذا أمكن إلى عصر الحكمة. وإذا كان الغرب قد وجد في عصر المعلوماتية شكلاً جديداً من أشكال الانبهار، لأنه مازال يحبو في سنواته الأولى ليخفي آثار الخلل والدمار الذي أحدثته الثورة الصناعية والكيماوية في بيئة الأرض وصحة البشر، وما تشكله من أخطار، فعلينا أن نلحق بقطار المعلوماتية ليس كنور جديد، وإنما كعلم جديد نستطيع أن ندرك إمكاناته ونوظفها، ونستعد لمعرفة أضرارها. إن التحديات الناجمة عن ثورة المعلومات جد كبيرة، وتحتاج إلى تعزيز العمل العربي المشترك ودفعه إلى الأمام لاحتلال القدرات التقنية اللازمة للتعامل بجدية مع الآثار السلبية والمخاطر التي تطرحها التطورات المتسارعة في هذا المجال. ويُعدُّ التنسيق ضرورة تاريخية لخلق فضاء إلكتروني تكاملي على الصعيد العربي من خلال شبكات الإنترنت.

إن الصراع هم الحكم القادم، وإن العولمة سوف تتضح معالمها وكيانها وآثارها وقدراتها من خلال نتائج هذه الصراعات في السنوات القادمة

 
المصدر : مجلة كلية خالد العسكرية

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

التجارة الالكترونية مفاهيمها وآلياتها

مقـــدمة
يشهد العالم ثورة هائلة متطورة فى مجالات المعلومات والاتصالات ، هذا العالم الفسيح الأرجاء ، المتعدد الأعراق والثقافات ، المتباين بين غنى فاحش وفقر مدقع ، والواسع الهوة بين شعوب متقدمة وأخرى متخلفة 00أصبح أشبه بقرية صغيرة تنتقل عبرها ومنها المعارف بيسر وسهولة متعدية الحواجز الطبيعية والجغرافية وتحولت الأسواق إلى سوق واسعة النطاق يلتقى فيها المنتجون والمسوقون والمستهلكون على شبكات الانترنت وهو ما يعرف بالتجارة الالكترونية( )
التجارة الالكترونية مصطلح حديث التداول نسبيا حيث أنه على الرغم من أن عقد الستينيات شهد استخدام بعض الوسائل الالكترونية والكمبيوتر وشبكات الاتصال والتبادل الالكتروني للبيانات إلا انه كان قصراً على الشركات والمصارف الضخمة ولم تكن التجارة الالكترونية منتشرة كما هو الحال الآن.

ومعروف أن هناك اختلاف بين التجارة الالكترونية والتجارة بمعناها التقليدي فالأولى تتفوق على الثانية بكونها تعكس واقعاً جديداً فى مجال البيع والشراء وعقد الصفقات معتمدة على كثافة وغزارة المعلومات التي يوفرها المنتجون والوسطاء ومقدمو الخدمة.

وتشير الإحصاءات المتاحة عن التعاملات فى نطاق التجارة الالكترونية بأنها قد تصل إلى ما يربو عن 1.5 تريليون دولار عام 2006وهو الأمر الذي سينعكس على طبيعة العلاقات الاقتصادية الدولية وأيضا على أنماط التسوق السلعي والخدمي وهو بطبيعة الحال يستدعى تعديلاً وتطويراً للقوانين المتعلقة بحركة التجارة ككل كقوانين الضرائب والجمارك وكل ما له علاقة بالتجارة الالكترونية.

لقد تعاظمت قواعد التجارة الالكترونية فهي إلى جانب انتشارها المذهل على مستوى العالم متعدية كما سبق الإشارة إليه الحواجز الزمنية والمكانية بسرعة ويسر فقد مكنت المستهلكين من التعرف على كل ما يشبع رغباتهم والوقوف على خصائص المنتج المطلوب كما لو كانوا فى متاجر حقيقة وهى بذلك اختصرت الوقت والمجهود فى الشراء والتسويات المالية وعمليات النقل والشحن 000 الخ والتجارة الالكترونية حصاد لجهود عظيمة يعود الفضل فيها لثورة الاتصالات والمعلومات ، وسوف نلقى بعض الضوء على التجارة الالكترونية من خلال النقاط التالية:
أولا : التعريف بالتجارة الالكترونية وخصائصها.
ثانيا : مقومات نجاح التجارة الالكترونية.
ثالثاً : أنواع التجارة الالكترونية.
رابعاً : مراحل التجارة الالكترونية.
خامساً: العقبات التى تواجه التجارة الالكترونية.
سادساً: المشكلات التى تترتب على التجارة الالكترونية.
سابعاً : التجارة الالكترونية ومنظمة التجارة العالمية.
ثامناً : مستقبل التجارة الالكترونية.

التعريف بالتجارة الالكترونية وخصائصها:

تعرف التجارة الالكترونية بأنها العمليات التجارية التي تتم عبر شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) أو من خلال وسائل الكترونية أخرى ( ) ومعنى هذا أنها تتناول الصفقات والأعمال والاتفاقيات التي تعقد بين بائعين ومشترين ومن على شاكلتهم لمنتج( سلعي) أو (خدمي) عبر الانترنت 0 وهذا التعريف يتسق مع تعريف منظمة التجارة العالمية حيث عرفت التجارة الالكترونية بأنها "مجموعة متكاملة من عمليات إنتاج وتوزيع وتسويق وبيع المنتجات بوسائل الكترونية" وقد عرفتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي الدولى بأنها" تتمثل بصفة عامة فى المعاملات التجارية التي تتم من قبل الأفراد والهيئات والتي تعتمد على معالجة ونقل البيانات الرقمية والصوت والصورة من خلال شبكات مفتوحة مثل الانترنت أو مغلقة يمكن أن تتصل بالشبكة المفتوحة" وتعرف أيضا بأنها مجمل الخدمات التجارية التي تتعامــل معها المجموعات (شركات / مؤسسات / أفراد) والمعتمدة على المعالجة الالكترونية للبيانات (النصوص / الصوت / الصورة ) ويتضمن التعريف تأثيرات التبادل الالكتروني للمعلومات التجارية على المؤسسات والتفاوض التجاري والعقود والضرائب والتسويات المالية .
والتجارة الالكترونية بهذا تعد وسيلة هامة لتعزيز حركة التعامل وهى بلا شك ستشهد نمواً مضطرداً خلال السنوات القادمة نظراً لمزاياها المتعددة والمتمثلة فيما يلى :-
- المساعدة فى تبسيط الهياكل التنظيمية من خلال إيجاد هيكل إداري يتميز بمستويات معرفية عالية تتواءم مع طبيعة هذا النمط من التجارة الذي يعتمد على أجهزة الحاسبات كما يقلل من الحاجة إلى المخازن وتوافر حد معين من المخزون السلعي سواء خاماً أو فى شكل منتج تام الصنع حيث يمكن تلقى طلبات المشترين واستيفاؤها مباشرة من المصانع ووكلاء البيع ويعنى هذا تخفيض تكاليف التشغيل.
- خلق الفرص أمام سرعة عقد الصفقات وإتمام الأعمال وهو الأمر الذي لا يتوافر للتجارة التقليدية من حيث العمل على فتح أسواق جديدة والتي تعتمد فى جزء كبير منها على الاتصال الشخصي والبعثات الترويجية وهو الأمر الذي يزيد من التكلفة فى حين أن التجارة الالكترونية توفر خدمات التسويق وتقدمها للعملاء بالتفصيل وبما يتناسب مع السوق المستهدفة والعميل المتوقع .

- المساعدة فى تبسيط وتنظيم عمليات المشروعات وتحقيق أهدافها بعيدا عن الأخطاء حيث أن الاعتماد على الأجهزة الالكترونية يقلل من الأخطاء البشرية ويقلل من التكاليف المتعلقة بتداول المستندات بين الإدارات ( ) ويأتي فى هذا السياق إمكانية تبنى أنظمة معلومات جيدة ودقيقة تقلل من مخاطر تراكم المخزون حيث تتيح التجارة الالكترونية للمنتجين تحديد وقت أقل لمقابلة الطلبات المفاجئة والوفاء بها بكفاءة وفى وقت أقل .
- تساعد المشروعات الصغيرة و المتوسطة فى تسويق منتجاتها من خلال الشبكة بدون حاجة كبيرة لإتباع الأساليب التقليدية فى التسويق الخارجي
- توسع من نطاق الاختيار بين منتج ومنتج من خلال ما يعرضونه من ميزات عن سلعهم ويكون لدى المستهلك الاختيار بين السلع سعرا وجودة وفى هذا الصدد يمكن للمستهلك الحصول على كافة المعلومات الخاصة بالسلعة المعروضة وبما يتناسب ورغباته بدون الانتقال إلى المتاجر والمعارض وهذا من شأنه توفير الوقت والجهد ويقلل من الزحام والتلوث البيئي كما أنها تمكن المستهلك من التفكير ومراجعة قرارات الشراء بتؤدة ورشد .
وتكمن أهمية التجارة الالكترونية وفقا لدراسة أعدتها (الاسكوا)(4) تحت مسمى التجارة الالكترونية فى كونها تقوم على استخدام الأساليب الحديثة بخلاف الأساليب المعتمدة فى التجارة التقليدية وستحدث تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية تغيرات فى العديد من الجوانب تشمل البيئة وطبيعة الأعمال ودور الحكومات فى دعم تسهيلات التجارة والنهوض بكفاءتها ، وتشير الدراسة إلى أن هناك خمسة مشاهد رئيسية لتوضيح التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للتجارة الالكترونية:

1. تزيد من الترابط فى الاقتصاد ويشمل هذا الترابط وحدات العمل بأحجامها المختلفة والأسرة وأفرادها ويعزى هذا إلى تدنى تكاليف حيازة مستلزمات الاتصال بالانترنت وتوسيع الخدمات والأجهزة التى يمكن ربطها على هذه الشبكة.

2. الانفتاح من أهم العوامل المساعدة على توسيع التجارة الالكترونية حيث أدى هذا إلى إحداث انتشار تطوير الوسائل الالكترونية وبرامجها وظهرت شركات تعنى بتكنولوجيا المعلومات ذات العلاقة بالانترنت.


3. أدى انتشار التجارة الالكترونية إلى إزالة عاملي الزمان والمكان المؤثران فى عقد الصفقات حيث تقلصت الحواجز من خلال هذا الأسلوب من التجارة .

4. إحداث تغيير جوهري على مواقع السوق حيث تغير دور الوسيط التجاري كما تطورت العلاقات بين المنتج والمستهلك وظهرت قنوات جديدة تتعامل مباشرة بين المعروض والمطلوب وأصبح أسلوب التعامل يتم بشكل تحاوري مباشر سيسهم فى خلق مهارات وخبرات جديدة تنمو أو آخذه فى النمو.

5. التأثير المضاعف للتجارة الالكترونية بسبب أسلوبها المباشر في التجارة وهو أسلوب متسارع بدأ ينتشر بفضل الوسائل المادية والبرمجية التى سهلت التعامل والتراسل عبر الشبكة وأي تجربة جديدة فى موقع ما سرعان ما تنتشر وتتضاعف فوائدها عبر مساحة جغرافية واسعة وبات الارتباط ممكنا بين شركة وأخرى وما بين الشركات والأفراد أو الشركات والإدارات المصلحية وبينها وبين الأفراد.

مقومات نجاح التجارة الالكترونية:
إن انتشار التعامل من خلال التجارة الالكترونية يتطلب توافر عد من المقومات وأهمها :
- توافر شبكة اتصالات حديثة متطورة وقابلة للتحديث تعتمد على وجود حاسبات آلية وخطوط تليفونية مرتبطة بعضها البعض مع جاهزيتها للارتباط بالعالم الخارجى مع وجود جهاز صيانة يمتلك قدره معالجة الأعطال فور حدوثها أو فى اقل وقت ممكن وهو ما يعنى حاجة هذا النوع من التجارة إلى وجود تكامل رأسي بين أجهزة الاتصال بدءا من خط التليفون حتى أجهزة الحاسب مع توفير قطع الغيار فور الحاجة إليها .

- توافر الكوادر الفنية المؤهلة للتعامل مع الأجهزة ومتابعة ما يطرأ عليها من تحسينات فنية أولا بأول وفى هذا السياق فإن وجود كوادر بحثية وإدارية لا يقل أهمية عن توافر الفنيين نظرا لدور هذا الفصيل فى وظائف التسويق من ترويج وإعلان ودراسات تتناول أوضاع السوق المستهدف من خلال البحث عن الفرص المتاحة .


- وجود بنية تشريعية تحارب أعمال السرقة والقرصنة وتعمل على تأمين التعاملات المالية من خلال هذا النمط من التجارة بما يشجع المتعاملين من خلالها على الاستمرار ، ولا شك أن تأمين هذا النوع من التجارة من قبل أطرافها أمر يسهم فى سرعة انتشارها.

- أن يتوافر فى اقتصاديات الدول التى تعنى هذا النمط فى علاقتها التجارية ميزات اقتصادية على كافة الأصعدة من حيث توافر المنتج القابل للتسويق سواء كان فى صورة منتج سلعي أو تقديم خدمة
سياحة /نقل .. الخ ) ، بالإضافة إلى ضرورة تحقيق قيمة مضافة للذين يتعاملون (وهناك القيمة المضافة للتسويق وهى عبارة عن الربح الذى يتحصل عليه المنتج من خلال التسويق لمنتجاته والذى يؤدى إلى نقل ملكية أو حيازة المنتجات منه إلى المستهلك) .


- عدم المغالاة فى فرض الضرائب والرسوم على المعاملات التى تتم من خلال التجارة الالكترونية حتى لا ينصرف المتعاملون عنها.
أنواع التجارة الالكترونية
هناك أنواع متعددة للتجارة الالكترونية فى الوقت الراهن وتوجد إمكانية ظهور أنواع أخرى مستقبلا مع التطور الحادث على مستوى صناعة الاتصالات وتجديد المفاهيم التسويقية.
• المعاملات التجارية بين الشركات بعضها البعض وفيها يتم تبادل المعلومات فيما بينها سواء كانت هذه المعلومات تتعلق بأطر التكامل بينها أو بتوافر مدخلات إنتاج تستخدمها أو التنسيق في مجال الأسعار ..الخ
• المعاملات بين الشركات المنتجة والعملاء وهذا النمط من المعاملات يطلق عليه التسوق الالكتروني وقد توسع كثيرا بعد التقدم الذي طرأ على شبكة المعلومات الدولية ويقوم المنتجون أو المسوقون من خلاله بعرض ما لديهم من سلع على الشبكة وتلقى أمر الشراء وإرسال الفواتير والتحصيل .
• المعاملات بين المواطنين والأجهزة الحكومية أو الأندية ..الخ وهذا النمط ظهر أخيرا وبدأ في الانتشار الواسع وتتضمن العديد من الأنشطة كسداد الضرائب المستحقة على رخص السيارات والتليفون واشتراكات النوادي بل والحجز على الطائرات والسكك الحديدية ومن المتوقع أن يزداد هذا النوع في معظم المعاملات نظرا لأنه يوفر الوقت والجهد ولا يكلف كثيرا وقد ينطوي تحت هذا النوع أيضا المعاملات التي تتم بين المؤسسات الحكومية والخاصة مع الأجهزة الحكومية فيما يتعلق بأجور العاملين ..الخ .

السلع الالكترونية :

يتوافر حاليا نوعان من السع التي يمكن شراؤها الكترونيا:
• المنتجات أو البضائع الالكترونية التي يمكن استلامها أو إرسالها للعميل فورا على الشبكة وهى المنتجات التي يمكن تحويلها إلى ملفات الكترونية فى شكل بيانات أو معلومات رقمية مثل برامج الكمبيوتر وما شابه .
• منتجات لا يمكن تسليمها الكترونيا نظرا لعم إمكانية تحويلها إلى ملفات أو معلومات رقمية ويقصر دور التجارة الالكترونية هنا في مرحلة الدعاية والاتفاق على أسعار الشراء وطريقة التسليم ...وهذه السلع يتم شحنها إلى المشترى من خلال وسيلة نقل مناسبة .
وعموما فإن السلع الخدمية أو القابلة لتحويلها إلى ملفات ويتم نقلها عبر الحاسب الآلي تعد أهم أنماط التجارة الالكترونية ومن أهمها خدمات البريد الالكتروني والخدمات المالية والانترنت المصرفي وخدمات المقاصة الالكترونية.



مراحل التجارة الالكترونية:
تمر التجارة الالكترونية بعدة مراحل :
المرحلة الاولى :
التعرف على المنتجات المطلوب تداولها ومواصفاتها وبدائلها وشروط السداد وأسلوب التسليم....الخ وهذه المرحلة هى التى تمكن المستهلك من التسوق من خلال الحاسب الشخصى من أي مكان وإلى أي مكان واختيار ما يناسبه.

المرحلة الثانية:
هى مرحلة تسليم المنتجات ويتم ذلك إما الكترونيا فى حالة قبول السلعة للتحويل إلى ملفات كبرامج الكمبيوتر أو من خلال الشحن فى حالة استحالة التحويل إلى ملفات.

المرحلة الثالثة:

وهى تتعلق بسداد قيمة البضاعة المشتراة وهى تتم الكترونيا من خلال عدة وسائل:

أ‌- الدفع النقدي الالكتروني:

ويتم عن طريق استخدام النقود الالكترونية (تعرف النقود الالكترونية بأنها وسيلة غير ملموسة لا يتم تداولها فى شكل مادى حيث يحتفظ العميل بها فيما يسمى بالمحفظة الالكترونية يتم الحفاظ عليها على القرص الصلب للحاسب فى منطقة مؤمنه تماما أو يتم التحفظ عليها فى البطاقات الذكية وهى عبارة عن بطاقات فى حجم بطاقات الائتمان (الفيزا – الماستر كارد) يمكن حفظها وحملها بسهولة والميزة الأساسية لها إمكانية القيام بالخصم والإضافة من أي مكان من خلال ما تحويه من رقائق الكترونية بها ذاكرة لتخزين المعلومات).

ب‌- الشيكات الالكترونية:

وهى شيكات تحرر باستخدام الحواسب وهى تأخذ نفس مسارات الشيك الورقى منذ لحظة صدورها(5) حتى قيده فى حساب المستفيد وهو ينتقل بالبريد الالكتروني من مصدره إلى المستفيد بعد توقيعه الكترونيا وبعد استلامه المستفيد أيضا يوقعه الكترونيا(6) ويرسله بالبريد الالكتروني بإشعار إيداع الكتروني فى حسابه البنكى.

ما هى العقبات التى تواجه التجارة الالكترونية:
هناك ميزات متعددة لاستخدام التجارة الالكترونية كبديل ينتشر بسرعة فى مواجهه التجارة التقليدية ولكن هناك عقبات تواجه هذا النوع من التجارة يمكن إجمالها فيما يلي:
 إن الاتفاق على الشراء من خلال التجارة الالكترونية لا يمكن المستهلك أو المشترى من الوقوف على خصائصها رؤيا العين ومن ثم فقد يكتشف بعد استلامها عدم صلاحيتها أو مطابقتها للمواصفات المتفق عليها ومن ثم فإنه قد يخسر ما دفعه مقابل الشراء.
 الافتقار إلى وجود قواعد قانونية حاكمة للتعامل من خلال التجارة الالكترونية كبديل عن التعامل التقليدي مما لاشك انه يفقد الثقة لدى العديد من المتعاملين فى هذا النظام.
 إمكانية اختراق الشبكة من قبل القراصنة واللصوص وهو ما يعنى انتهاك خصوصية العملاء كما إنه يمكن للبعض استخدام بطاقات مزيفة للشراء عبر الانترنت مما يسبب خسارة لصاحب البطاقة الحقيقي.
 إمكانية استخدام هذه التجارة فى عرض المواد المنافية للآداب والتي قد تكون أحد وسائل الدعاية والترويج لبعض المنتجات وهو ما يخل بالأعراف والأخلاقيات وبعدم السلوك الاجتماعي السوي.
 إمكانية استخدام التجارة الالكترونية فى إجراء تعاقدات وهمية وعمليات نصب واحتيال.

إن عدم تأمين معلومات الانترنت مع إمكانية اختراق الشبكة تعد من أهم عقبات انتشار التجارة الالكترونية الأمر الذى قد يؤدى بها بعد فترة إلى فقدان الثقة مما حدا ببعض الشركات المتخصصة بوضع بعض القواعد لإتمام عمليات الشراء والسداد الالكتروني على الشبكة بطريقة مؤمنه مضمونة وهذه القواعد تسمى تأمين التحويلات المالية الالكترونية حيث تضمن هذه القواعد تأكد المنتج أو التاجر من سلامة بطاقة الائتمان التى يتعامل بها العميل ومن الناحية الأخرى يتأكد العميل من أن التاجر موجود بالفعل كما تظهره الشبكة وتضمن هذه القواعد خصوصية العميل فلا يتلصص على معاملاته المالية أو بيع مشترياته إضافة إلى عدم إنكار أي عمليات بيع وشراء من قبل طرفي العملية المالية.
 إن التبادل من خلال التجارة الالكترونية يزيد من حجم البطالة حيث يقل الاعتماد كثيرا على دور الإنسان كما هو الحال فى التجارة التقليدية وهو أمر يهم الدول التى تعانى أصلا من زيادة معدلات البطالة.
 إن التوسع فى التجارة الالكترونية قد يؤثر سلبا على بعض السياسات النقدية فى بلد معين حيث لا يكون عادة للسلطات النقدية ولاية على المتعاملين ومن ثم فلا مجال لما يسمى بترشيد أو تحجيم الائتمان للحد من التضخم وأيضا استخدام النقود الالكترونية يؤدى إلى زيادة فى حجم الواردات خاصة عندما لا يكون هناك قيود مانعه ومن ثم يحدث تسرب من الدخل القومى.

المشكلات التى تترتب على التجارة الالكترونية:
 مشاكل متعلقة بالرسوم والضرائب على التعامل من خلال التجارة الالكترونية خاصة فى حالة ما إذا كان بلد المنتج والعميل لا يوجد بينهما اتفاق لمنع الازدواج الضريبى.
 مشاكل تتعلق بالقرصنة الفكرية بالمخالفة لاتفاقية حماية الملكية الفكرية فقد يمكن للقراصنة او مقلدي الابتكارات والأعمال الفكرية سرقة التصميمات واستخدام العلامات التجارية (الصين أكثر الدول انتهاكا لقواعد الملكية الفكرية خاصة فى الأعمال الفنية).

 مشاكل تتعلق بما يسمى جرائم الاعتداء والسطو على التوقيع الالكتروني ومن ثم إمكانية تحصيل الشيكات لغير مستحقيها.


 التعارض القائم بين القوانين السارية المتعلقة بالتجارة التقليدية مع آليات ووسائل التجارة الالكترونية وخير مثال على هذا قواعد قانون المناقصات والمزايدات المصرى رقم 89 لسنة 98 الذى يقضى بخضوع المناقصات العامة والممارسات العامة لمبادئ العلانية والنشر فى وسائل الإعلان من خلال الصحف اليومية وأيضا إمكانية الإعلان من خلال الانترنت ومع ذلك فان هذه المناقصات سواء محلية أو خارجية من الاستحالة تقديم عطاءاتها عبر الانترنت حيث يتعين تقديم العطاءات فى مظروفين مغلقين أحدهما للعرض الفنى والأخر للعرض المالى ، ولاشك أن ذلك يتطلب إعادة النظر فى مثل هذه القوانين بما يحافظ على سرية العطاءات وفى الوقت نفسه الحصول على أفضل العروض.

 تعرض بعض الأنشطة التقليدية كتجارة الكتب والمطبوعات والاسطوانات الموسيقية والأقلام لحالة من الركود حيث تعانى المكتبات من ذلك بعد أن أصبح من اليسير على القارئ شرائها من الناشر عبر شبكة الانترنت.


 إمكانية استغلال الشبكة فى أعمال غير مشروعة كتداول أو عمليات عقد صفقات السلاح غير المشروع فى عمليات التعذيب وتجارة الأعضاء.

 حجية وسائل بيانات التجارة الالكترونية بكونها أدلة إثبات ( الوضع القانونى للمستندات ) حيث يتعذر أحيانا إيجاد أدله إثبات قابله للمراجعة والتحقق عند وقوع خلافات بين المتعاملين وإلى جانب تطور حجم التجارة الالكترونية دوليا ومحليا.

تطور التجارة الالكترونية:
التجارة الالكترونية ومنظمة التجارة العالمية:
جاء إعلان جينيف الوزاري بشأن التجارة العالمية ضمن المؤتمر الوزاري للدورة الثانية الذى عقد في مايو 1998 كأساس لإطار عمل المنظمة فيما بعد والذى تمخض عن برنامج عمل تم اعتماده من قبل المجلس العام للمنظمة في سبتمبر من العام نفسه وقد حددت المنظمة ثلاثة أنواع من التعامل التجارى عبر الانترنت:
أ‌- تعاملات الخدمة ( الاختيار ، الشراء ، التسليم ) التي تجرى وتتم بالكامل عبر الانترنت.
ب‌- تعاملات تتضمن توزيع الخدمات حيث يتم اختيار السلعة أو الخدمة عبر الانترنت إلا أن تجهيزها وتسليمها يتمان من خلال وسائل تقليدية.
ج- التعاملات التي تتضمن شيكات الاتصالات متضمنة خدمات الانترنت.
وقد أكد أعضاء المنظمة أن العديد من التعاملات التجارية عبر الانترنت تندرج ضمن إطار الاتفاقية العامة للخدمات (الجاتس) حيث لا تفرق الاتفاقية بين وسيلة وأخرى لتجهيز الخدمات وترى المنظمة انه يمكن اعتبار عدد من الخدمات الأساسية لازدهار التجارة الالكترونية وهى:
1- خدمات الاتصالات التي يتوفر من خلالها الاتصال بالانترنت.
2- خدمات الانترنت.
3- خدمات ومنتجات تقدم عبر الانترنت مثل
أ‌- الاستشارات
ب‌- الطب عن بعد
ج-خدمات التوزيع
4- الخدمات الجديدة مثل :
أ- استضافة مواقع الانترنت
ب- التحقق
ج- التوقيع الالكتروني
هذا ويمكن حصر اهتمامات منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بالتجارة الالكترونية في قضايا سبع :
- القضايا المتعلقة بالبنية التحتية اللازمة للتجارة الالكترونية.
- القضايا ذات العلاقة بالوصول للأسواق الكترونيا وبالأخص ما يتعلق بالسلع والخدمات التى يمكن تزويدها الكترونيا.
- التقدم المحرز باتجاه تحرير التجارة بالخدمات فى الأمور ذات العلاقة بالتجارة الالكترونية.
- دور منظمة التجارة العالمية فى تسهيل التجارة مع التأكيد على الانترنت والتبادل الالكتروني للبيانات من خلال تبسيط الإجراءات والتعاملات الجمركية.
- كيفية استفادة الحكومات من وسائل التجارة الالكترونية فى العمليات الشرائية.
- حقوق الملكية الفكرية فيما يخص الأمور المتعلقة بالتجارة وأهمية حماية حقوق الاستنساخ والحقوق ذات الصلة والعلامات التجارية وأسماء قطاعات الانترنت لأغراض تطوير التجارة الالكترونية.
- القضايا ذات العلاقة بالتشريعات من منظور منظمة التجارة العالمية.

يضاف إلى ذلك إن المنظمة (لجنة التجارة والتنمية) تدرس عدد من القضايا المتعلقة بآثار التجارة الالكترونية على الفرص التجارية والاقتصادية للدول النامية لاسيما على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وسبل تعظيم الفوائد التى يمكن أن تعود عليها كما يدرس ما يواجه الدول النامية من تحديات تحد من قدرتها على المشاركة فى التجارة الالكترونية فضلا عن ذلك فإن من أهم ما تضعه اللجنة نصب ناظريها مدى إمكانية استخدام تكنولوجيا المعلومات فى تحقيق التكامل بين الدول النامية داخل النظام التجاري المتعدد الأطراف وكذا الآثار المتوقع حدوثها على الدول النامية من التأثير المحتمل لهذا النوع من التجارة على الوسائل التقليدية لتوزيع السلع المادية وكذا الآثار المالية للتجارة الالكترونية.
مستقبل التجارة الالكترونية:
تشهد التجارة الالكترونية نموا مضطردا متسارعا منذ بدء انتشارها ولكن لا توجد تقديرات محددة دقيقة حول قيمتها والولايات المتحدة تستأثر بسوق التجارة الالكترونية حيث يبلغ نصيبها من حجم التجارة نحو70% من إجمالي حجم تجارتها يليها الدول الأوربية وهناك تفاوت كبير فى نصيب الدول المتقدمة والدول النامية ويعزى ذلك إلى وجود بعض المعوقات التى تواجه الدول النامية مثل ارتفاع تعريفة(7) الاتصال بالشبكة واحتياج الراغبين فى الحصول على امتياز تقديم الخدمة إلى مبالغ كبيرة مقابل ثمن الحواسيب والاشتراك فى خطوط التليفون إضافة إلى تركز الخدمة عادة فى المدن الكبرى.
والحديث عن مستقبل التجارة الالكترونية تحفه العديد من المحاذير خاصة من جانب الدول النامية وبعض دول أوروبا حيث يعارضون رغبة الولايات المتحدة إزالة الحواجز أمام التجارة الالكترونية حيث إن إزالة الحواجز يهدد الأنشطة التقليدية فى هذه البلدان لحساب البلدان التى تمتلك القدرة على التحول إلى هذه التجارة
أما بالنسبة لوضع مصر على طريق التجارة الالكترونية فإن مصر تمتلك بعض المقومات المشجعة على النهوض بهذه التجارة وأهمها:
 توافر برمجيات قادرة على تصميم وإنشاء مواقع للتجارة الالكترونية.
 النمو المتواصل فى سوق تكنولوجيا المعلومات.
 توافر عدد من مواقع التسوق الالكتروني ونجاح بعض البنوك فى جذب شريحة من العملاء للتسوق ، وهناك نموا مضطردا فى عدد المشترين الراغبين فى استخدام الانترنت فى التسوق(ترتبط بعض الشركات بعدد من البنوك لتتولى التسويق لبياناتها بين موظفي الدولة ورجال الأعمال ويذكر فى هذا الصدد قيام بنك "سيتى بنك" بإصدار فيزا بالتعاون مع شركة "مترو").
وعلى الرغم من ضعف حجم التجارة الالكترونية فى مصر حيث يتراوح بين 250 مليون إلى 300 مليون جنيه سنويا مقابل 8.5 تريليون دولار حجم التجارة الالكترونية من خلال الشركات على الانترنت نهاية 2005 إلا أن هناك محاولات جادة لزيادة حجم هذه التجارة وفتح مجالات جديدة لها عبر شبكة الانترنت سواء فى مجالات التسويق الخارجى أو فى مجالات مجالات دراسات السوق وإقامة المعارض ...الخ. على انه فى مجال التشريعات والضوابط الرقابية الخاصة بالتجارة الالكترونية فى مصر فانه حتى الآن لم يتم وضع ضوابط على استخدام هذه التجارة سوى فيما يتعلق بالعمليات المصرفية الالكترونية بالقدر الذى يوفر الأمان للمتعاملين من مخاطر التشغيل ومخاطر السمعة ومخاطر السوق مع وضع شروط على البنوك الراغبة فى الحصول على ترخيص لإصدار وسائل دفع الكترونية والتى تشترط استيفاء البنك لجميع الشروط المطلوبة لحصوله على الترخيص كما يجرى فى الوقت الراهن إعداد مشروع قانون بتنظيم التوقيع الالكتروني كأحد أهم عناصر نجاح التجارة الالكترونية.

مراجع الدراسة

1- د.لويس حبيقة "التجارة الالكترونية الميزات والتحديات" الأهرام الاقتصادي العدد الصادر فى 15/5/2000.
2- د.السيد احمد عبد الخالق "التجارة الالكترونية – أنواعها وتطورها وخصائصها" الأهرام الاقتصادي فى 22/5/2000.
3- عبد الإله الدموهجى التجارة الالكترونية – أوراق موجزة – الاسكوا 2001.
4- بنك الإسكندرية المجلد رقم 31 عام 1999
5- بنك مصر العدد الأول عام 2000.
6- البنك الأهلي المصري العدد الثاني – المجلد الخامس والخمسون 2003.

المصدر: محمد نبيل الشيمي الحوار المتمدن - العدد: 2691 - 2009 / 6 / 28 المحور: الادارة و الاقتصاد

الأحد، 17 يوليو 2011

أهمية الإستفادة من تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بمنظمات المجتمع المدني .

أهمية الإستفادة من تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بمنظمات المجتمع المدني .

أحمد السيد كردى

الإدارة الإلكترونية للجمعية الخيرية .
المواقع الإلكترونية للجمعيات الخيرية .
الإستقطاب الإلكتروني وإدارة المتطوعين .
لجان النشاط التكنولوجى .
نظم معلومات الأعمال الخيرية .
التكنولوجيا كميزة تنافسية فى المنظمات الخيرية .
تكنولوجيا الإتصالات بالمنظمات الخيرية .

أحدثت الثورة العلمية والتكنولوجية تطورها الحاسم فى العديد من أوجه الحياة المختلفة , وكان لها أفضل التأثير فى جانب تنمية وتطوير منظمات المجتمع المدنى , حيث أن هناك العديد من الدول العربية إستفادت من التطور التكنولوجى فى ربط مؤسسات المجتمع المدنى بعضها ببعض من خلال شبكة المعلومات , وعن طريق توفير قاعدة بيانات ضخمة سهلة الوصول إليها فى الوقت المناسب عن الجهات المانحة والداعمة للأعمال والأنشطة الخيرية وكذلك البيانات والمعلومات عن المستفيدين والمحتاجين للخدمات الخيرية , وغيرها من الفوائد التى تقدمها التطورات المختلفة لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات وكان لها الفضل فى تطوير هذه المؤسسات , كما هو الحال بالسعودية على سبيل المثال .
الإدارة الإلكترونية للجمعية الخيرية .
كما يمكن الإستفادة من التطور التكنولوجى فى تحسين جودة العمليات الداخلية بالجمعيات الخيرية عن طريق إدارة العمل الخيرى والتطوعى وتوفير نظم فاعلة للمعلومات تساعد فى كفاءة عملية التخطيط والتنظيم والرقابة وذلك بالأساليب التقليدية والإلكترونية .
إن تحقيق الفاعلية المنشودة فى مباشرة الأعمال والأنشطة الخيرية خلال الإدارة الإلكترونية مرهون بإتاحة جماعات العمل المناسبة وإحاطتها بالجهود التدريبية المكثفة , لإكسابها فنون ومهارات وقدرات التميز فى هندسة نظم المعلومات ومباشرة الأنشطة ومسؤليات المنظمة الخيرية .
وتسهم تكنولوجيا المعلومات والإتصالات الفاعلة عن قرب فى مساندة قيادات العمل الخيرى والتطوعى لإتخاذ إجراءات معاجة جوانب القصور وتطوير إدارة العمل الخيرى ككل وإكساب المهارات وتنمية القدرات بما يعاصر التقنيات التكنولوجية المتطورة .
المواقع الإلكترونية للجمعيات الخيرية .
 كما يمكن الإستفادة من التكنولوجية فى تسويق العمل الخيرى إلكترونيا عن طريق شبكة الإنترنت وتقنيات الهاتف المحمول , وذلك من خلال إنشاء مواقع تدعم العمل الخيرى ومواقع أخرى تتبع الجمعيات الخيرية وهى تفيد فى عملية الإنتشار والوصول الأكبر والأسهل إلى العديد من شرائح المجتمع المدنى , كما يمكن إستقبال المشكلات والشكاوى الخاصة بالحالات المحتاجة عن طريق الشبكة الإلكترونية ودراستها وتحليلها للتحقق من مصداقية الحالة.
الإستقطاب الإلكتروني وإدارة المتطوعين .
 كما يمكن من إستخدام هذه التكنولوجية فى إستقطاب المتطوعين من مختلف الشرائح ومن جميع الأنحاء كل يساهم بما يستطيع ويتم التواصل بين المتطوع والجمعية إلكترونيا , كما يمكن تنمية المتطوعين وتأهيلهم وتدريبهم على القيام بمهام الأعمال الخيرية عن بعد .
فضلا عن مراجعة أداء المتطوعين ومستوى التقدم فى إنجازاتهم والتواصل معهم من خلال شبكات التواصل المتاحة على الإنترنت أو من خلال البريد الإلكترونى , حيث يمكن إرسال رسائل دوريةعلى البريد بمواعيد إجتماع اللجان التطوعية أو المواعيد المقررة للأنشطة المختلفة فى الجمعية الخيرية .
وعلى الجانب الأخر ترصد المعلومات أهمية الوقوف على أهم العناصر التطوعية الفعالة والمستمرة فى النشاط الخيرى والتى يمكن الإستناد عليها وفرز أفضل المتطوعين الذين لديهم قوة الحماس تجاه العمل الخيرى والولاء والإنتماء للمنظمة الخيرية , وغيرها من المعلومات الخاصة بمدى جودة المعلومات عن القوة البشرية التطوعية فى المنظمة ومدى مساهمتها فى تنمية وتطوير الجمعيات الخيرية .
لجان النشاط التكنولوجى .
كما يمكن الإستفادة أيضا من هذه التقنية فى المنظمات الخيرية كنشاط يسهم فى تطوير وتنمية المجتمع المدنى من خلال توفير دورات تدريبية على كيفية التعامل مع مهارات الكمبيوتر والإنترنت , فمنها تطوير لأفراد المجتمع ومنها إمكانية الحصول على عائد يدخل ضمن الإستثمارات الخاصة بالعمل الخيرى ويساند فى تطوير وتعظيم أرباح المشروعات الخيرية الأخرى , ويمكن تخصيص لجان مختصة بالنشاط التكنولوجى فى الجمعية لإدارة وتنظيم هذا النشاط حتى يمكن تحقيق الأهداف ونجاح الفكرة وتوفير فرص مختلفة يمكن إستثمارها فى العديد من الإتجاهات والمجالات أهمها تأهيل أفراد ذو مهارة وكفاءة تكنولوجية لمسايرة متطلبات أسواق العمل فهذا الأمر من شأنه تحقيق أهم مبادىء التنمية المستدامة فى منظمات المجتمع المدنى .
نظم معلومات الأعمال الخيرية .
إن تكنولوجيا المعلومات فى المنظمات الخيرية تتعلق بجمع وتوصيل وتخزين وإستعادة وتحليل المعلومات الخاصة بالعمل الخيرى والتطوعى , حيث أن إستخدام الكمبيوتر فى إدارة نظم المعلومات يجعل المعلومات متاحة عندما نحتاجها فى الوقت المناسب وبالجودة الفاعلة بحسب كفاءة البيانات المتاحة , لهذا فإن الإستفادة من التقنيات وتكنولوجيا المعلومات فى المنظمات الخيرية يساعد فى مراقبة وتحسين الإنتاجية وتقليل الأخطاء مما يساهم فى تحقيق أهداف منظومة العمل الخيرى والتطوعى , وذلك بإسلوب علمى منظم فى إدخال البيانات والمعلومات التى تحتاجها هذه المنظمات , وبخبرة بشرية تكتمل معها فرص ما تتيحة من معلومات .
وتعمل نظم المعلومات الفاعلة فى المنظمات الخيرية على إدارة الوقت وإستثمارة بالكفاءة المطلوبة , التى يساند تحقيقها قواعد البيانات الطموحة وفريق العمل المتميز لخدمة المجالات الإدارية بالمنظمة الخيرية , وإحداث التكامل المطلوب بين اللجان الخيرية المختلفة , لتلبية أغراض النمو الإقتصادى والإستثمارى للمنظمة الخيرية وإنسياب كافة الإحتياجات من المعلومات دون تعثر أو خلل .
وتحتاج المنظمات الخيرية إلى ترتيب وتحليل وتفسير البيانات والمعلومات المتاحة وإستخلاص مؤشرات إستخدامها فى الأغراض الأكثر إستجابة وإيجابية للوفاء بما ترمى إليه المنظمة الخيرية من أهداف , الأمر الذى يتطلب فى ذلك الإعتماد على أساليب علمية دقيقة كالأساليب الإحصائية والكمية والبرامج الإلكترونية الجاهزة لتحليل البيانات .
وعليه يصبح مدخل النظم إطارا أكثر تناسبا لإحداث القدر الأكثر أمثلية للتجانس فى مختلف النشاطات والمجالات الخيرية والتطوعية , لتحقيق فرص التكاملية المطلوبة بين أجزاء وعناصر الأدوار والأعباء الموهجهه لأداء الأعمال الخيرية وإنجاز أهدافها المخططة بشىء من الشمولية والتكاملية , بعيدا عن التشتت أو الفرقة النشاطية غير المرغوبة لتحسين كفاءة أداء المنظمات الخيرية , وذلك من خلال تحديد دقيق للمدخلات من موارد مالية للجمعية وموارد بشرية عاملة ومتطوعة وموارد مادية وعينية وكذلك البيانات اللازمة ثم إدارة عملية التشغيل بفاعلية لهذه الموارد المتاحة , حتى تكون المخرجات الخاصة بالعمل الخيرى فى تحقيق أهدافه ورسالته ويؤثر على بيئته الخارجية .
معلومات الإستثمار بالجمعيات الخيرية .
كما يمكن الإستفادة من المعلومات المقننة والمتاحة فى قواعد البيانات الخاصة بالمنظمات الخيرية فى المفاضلة بين البدائل الإستثمارية المتاحة والممكنة لتعظيم القدرات الإستثمارية وتعظيم الربحية , وبما يجنب المنظمات الخيرية تزايد حدة المخاطرة , حيث تفصح المعلومات المتاحة عن جدوى الإستثمار فى شتى ومختلف سبل الخير , والإستفادة بإمكانيات المنظمة الخيرية المالية والإقتصادية والبشرية والإتصالية لتحقيق أهدافها الإستثمارية المخططة بصورة أكثر إيجابية , تتضاءل معها معدلات الهدر التشغيلى والإستثمارى وإن كانت هذه المنظمات غير هادفة للربح ولكن يجب عليها تنمية إستثمارتها والسعى المستمر لتعظيم مركزها المالى حتى يمكنها الإستمرارية والتقدم ودعم نشاطتها ومجالاتها الخيرية المختلفة .
التكنولوجيا كميزة تنافسية فى المنظمات الخيرية .
إن المناخ البيئى المحيط بالمنظمات الخيرية وما يحتوية من تطورات هائلة فى تكنولوجيا المعلومات والإتصالات على المستويين المحلى والدولى , وما يتاح من أدوات دعم إتخاذ القرارات , هذا بجانب جماعات العمل الخيرية وقدرتها المتميزة فى إدارة المعلومات إلكترونيا لتطوير الأداء وإضافة المستجدات فى كافة المجالات والأنشطة ومناهضة التطورات والتحديات البيئية المحيطة إقتصاديا وإداريا وفكريا بأسلوب أكثر علمية وموضوعية يرصد حقائق الواقع الحاضر ورؤى وإستطالاعات المستقبل .
والمنظمات الخيرية مثلها مثل أى منظمة أخرى تحتاج التميز فى البيئة التنافسية لضمان إستمراريتها وتحقيق أهدافها , ولا يتأتى ذلك إلا من خلال دراسة واعية بأهم سبل التطوير والتنمية لمثل هذه المتطلبات , وبما أن الثورة التكنولوجية هى إحدى متطلبات عصر ومجتمع المعلومات , لذا ينبغى على المسؤلين عن الجمعيات الخيرية الإستفادة بكل ما هو جديد فى عالم تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات , وإعداد خطط تدريبية تتضمن مجموعة منالبرامج المتخصصة فى مهارات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات فى العمل الخيرى لإعداد الكوادر الفنية والكفاءات البشرية لتحقيق الميزة التنافسية المنشودة .
تكنولوجيا الإتصالات بالمنظمات الخيرية .
إن ثورة الإتصالات وما أحدثته من تغيير وتشعيب للعلاقات وإفساح العديد من مجالات وفرص التنمية المستدامة والإستفادة بالتكنولوجيا العالمية فى أقصر وقت ممكن , تبلورت أثارها بما أتيح من الأدوات والتجهيزات والمعدات والقنوات الإتصالية التى تعد بمثابة إطلالة عصرية للتغيير , حيث يمكن الإستفادة من هذه الأدوات فى دعم وتطوير منظمات المجتمع المدنى وجمعياتها الخيرية , وذلك من خلال شبكة التواصل والإتصالات على المستوى المحلى والدولى بين الجهات الداعمة والراعية لتنمية المجتمع المدنى , وللتعرف على أهم متطلبات دعم إمكانيات وكفاءة المنظمات الخيرية , لتمثل وسيلة جديدة لا مركزية للتخاطب والتحاور بين الأفراد والمنظمات الخيرية خارج الحدود وعبر القارات .
هذا مع أهمية إداراك دور ومساهمات الإتصالات الإذاعية والإعلامية والتوسع فى المحطات الفضائية وتنوعها والتى تبث إرسالها الناطق بكافة اللغات العربية والأجنبية كأحد أهم أدوات تسويق وترويج الخدمات والأعمال والأنشطة الخيرية المتعددة على مستوى العالم , والتى قد تقدمنا فيها عن الغرب فى نشر ثقافة العمل الخيرى لأن العمل الخيرى مرتبط بالقيم والمبادىء الدينية والإسلامية الحنيفة التى تربت وبنيت عليها الشعوب العربية .
كما يمكن الإستفادة من تكنولوجيا الإتصالات لطرح كافة القضايا على مختلف المستويات وفحصها ومناقشتها بناءا على إتصالات عالمية وأسس أكثر علمية وموضوعية وإتساقا مع التحولات المناخية التى تعايشها منظمات المجتمع المدنى المحلية والعالمية وتناول المشكلات الإقتصادية ومعوقات التنمية وتطوير وتحسين كيانات المؤسسات ومنظمات الأعمال الخيرية , ودعم قدراتها على مقابلة التيارات التناسية العالمية , من خلال الإطلاع على ثقافات وفكر المجتمعات والدول والحكومات وإستكشاف مصادر وقنوات تلقى المعلومات ودعم قاعدة البيانات وتحسين فرص إتخاذ القرارات .

المصدر : أحمد السيد كردي , مهارات إدارة العمل الخيري , مؤسسة الهادي للطباعة والنشر , القاهرة , مصر 2011 م .

أهم المشاركات