بقلم: أحمد السيد كردي
إبدأ من اللحظة
بعد
أن قمت بتحديد الأهداف بدقة حسب قدراتك الشخصية عند إنطلاقك من محطة
البداية في طريق النجاح , وخططت لكيفية الإنطلاق تخطيطا إستراتيجيا على
المدى البعيد , فقد حان وقت العمل والإجتهاد وتنفيذ الخطة بإحكام , فأنت من
اليوم الرقيب على نفسك , فحاول جاهدا أن تؤدي المهام التي رسمتها على أتم
وجه وإتقان ولا تختلق الأعذار وتقنع نفسك بها وابدأ بالأعمال ذات الأهمية
القصوى والمهام الصعبة وركز على الأساسيات والأصول ثم إنطلق إلى الفروع ولا
تؤجل عمل اليوم إلى الغد حتى لا تتراكم عليك المهام والأعمال.
قد
تكون خطة النجاح هدفها النجاح الدراسي والتفوق العلمي وفيها تسعى إلى
النجاح والحصول على أعلى التقديرات, أو تكون الخطة موجهه للنجاح الوظيفي
والتقدم العملي والحصول على أعلى المناصب , أو تكون الخطة للنجاح في الحياة
الزوجية وبناء أسرة صالحة تساهم في نهضة الإسلام وخدمة المسلمين, والشخص
الناجح هو من يوازن في الحصول على النجاح في كل هذه الإتجاهات .
تنظيم الحياة أساس النجاح
تنظيم الحياة أساس النجاح
إعمل
جاهدا على أن تكون حياتك وأوقاتك منظمة , فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ,
وأنت الذي تسطيع الوصول إلى قمة النجاح قبل الأخرين في أقل وقت ممكن إن
إستفدت بكل دقيقة في حياتك في خدمة خطة النجاح, فالمتسلقين إلى قمة الجبل
الواحد يختلفون في مدة الوصول عن بعضهم البعض .
وعمر
الإنسان عبارة عن أوقات معدودة وآجال محددة , فالعاقل من عمل على إستثمار
هذا الوقت بفاعلية ونجاح, فالحياة فرصة قال صلى الله عليه وسلم " اغتنم
خمساً قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ
وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ"وحتى
تنظم حياتك يجب أن تسير على خطة محكمة ممكنة التطبيق, وأن تركز دائما على
الأعمال الهامة وليكن لك وقتا محددا للراحة والإسترخاء حتى تعاود الجد
والإجتهاد على أتم وجه وبفاعلية وبكفاءة عالية وحتى لا تصاب بالملل والفتور
.
ليكن لك دائما أفراد مقربين أهل
ثقة وأصحاب تجارب ناجحة يمكن أن تعتمد عليهم وتتعلم منهم وتتشاور معهم ,
وليكن لك أيضا شبكة من العلاقات العامة بكل من حولك من الأصدقاء والمقربين ,
وكن دائما على إتصال بهم .
كفى بنفسك عليك حسيبا
في الوقت الذي قررت فيه الإلتحاق بقطار النجاح والإنطلاق نحو تحديد أهدافك وأحلامك , أنت من اليوم الرقيب على نفسك "
اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا, مَّنِ
اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ
عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " (الإسراء: 14,15)
,حاسب نفسك على ما تم إنجازه وهل سار على الطريق المخطط له سابقا أم كان
هناك إنحراف في الأداء عن المسار المحدد وهناك أخطاء يجب تصحيحها ؟ وهل هذه
الأخطاء ترجع إلى سوء في عملية التخطيط أي أن الخطة الموضوعة ليست عملية
وغير ممكنة التطبيق أو غير متوافقة مع القدرات الشخصية ؟ أم المشكلة ترجع
لسوء في عملية التنفيذ أو كان هناك تهاون وتقصير في تنفيذ ما هو مخطط ؟.
ويجب
أن يكون هذا التقييم بصفة دورية حسب البرنامج العملي الموضوع للخطة , فهذا
الأمر إن كان علمي بحت فهو سهل التطبيق في العديد من مجالات الحياة مثل
الدراسة والتحصيل العلمي وكذلك كبرنامج عملي في حفظ القرآن الكريم , كما
يمكن تطبيق تقييم الأداء في إدارة المشروعات كأحد أهم مباديء نجاح
المشروعات الإستثمارية والرقابة عليها .
حاسب نفسك قبل أن تحاسب
عليك
أن تحاسب نفسك أولا في النجاح الأيماني ومدى نجاحك في علاقتك بربك وأبسط
صورة هو ورد المحاسبة اليومي يمكن أن تضعه بنفسك لنفسك يبدأ على سبيل
المثال من الإستيقاظ لصلاة ركعتى قيام الليل ثم صلاة الفجر وبعدها أذكار
الصباح وقراءة الورد القرآني اليومي وحفظ ما تيسر من آيات الله والمحافظة
على الصلوات الخمس في جماعة , وتجديد النية في كل عادة يومية من أكل وشرب
وعمل دنيوي والترويح عن النفس وغيرها من الأعمال اليومية العادية لو تم
تجديد النية في هذه الأعمال أنك تقوم بها لتقويك وتعينك على طاعة الله
سبحانه وتعالى أجرت بهذه النية وتحولت العادة إلى عبادة , وبهذا تكون حياتك
كلها طاعة لله سبحانه وتعالى ,قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( الأنعام . 162).
إعلم
أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت فداوم على فعل الخير ولو أبسط
البسيط وبعدها يمكن أن تترتقي تدريجيا في طاعتك لربك , ولا تثقل على نفسك
فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها , واجعل لسانك رطبا دائما بالإستغفار ليس فقط
من صغائر المعصية ولكن أيضا للتقصير في الطاعة , واشغل نفسك بالذكر وقراءة
القرآن في أوقات الإنتظار في السفر والإنتقال .
عنْ النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"الْكَيّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ،
وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمنّى عَلَى الله".
أربط قلبك بالله
عليك
أن تجتهد في نجاحك الدنيوي ولكن لا يشغل قلبك إلا النجاح الإيماني في حب
الله , واجعل نجاحك في الدنيا في خدمة الدين ولا تجعل نجاحك دينيا في خدمة
الدنيا , فالقلب مثل الإسفنجه إن وضعت الإسفنجه في لبن ثم أخرجتها وضغطت
عليها فلن تجد إلا لبنا أبيضا خالصا وعلى العكس إن وضعت الإسفنجه في شيء
أسود ستجدها تتلون بالسواد وعندما تضغط عليها فلن تجد إلا السواد.
فكذلك
القلب إن ملئته بحب الله وطاعته ورضوانه أضاء وأنار فإن ضغطت عليه الدنيا
بضيق في العيش وابتلي بأي كرب لن تجد من هذا القلب إلا الرضا والقناعة
والصبر على الإبتلاء والإجتهاد في الطاعة , وزادته المحنه منحه بما عند
الله فهو يعلم أن الجنه حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات .
أما
القلب الذي أمتليء بحب الدنيا فقط عندما يقع في أي محنه ينقلب على عقبه
خسر الدنيا والأخرة فذلك هو الخسران المبين , يدعو من دون الله لمن ضره
أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير .
وهناك
العديد من الوسائل التي تملء قلبك بالإيمان وحب الرحمن , حيث أن للقلب
مصبات تتصل به وتعمل على تغذيته الروحانيه وهذه المصبات هي العين والأذن
واللسان, فالعين للمشاهدة والنظر حيث ترى بها عظمة خلق الله وإبداعه
في الكون فإذا أردت أن تتعرف على عظمة الخالق فانظر إلى عظمة المخلوق
والحق سبحانه وتعالى قال " قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ".
وانظر أيضا إلى عظمة خلق الإنسان فالمولى سبحانه وتعالى خلقه في أحسن تقويم وقال " وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ", وقال "{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}.
أنظر
إلى أهمية العين في تحقيق النجاح الإيماني وتحصيل اليقين ومعرفة لا إله
إلا الله بالحقيقة أي لا مبدع ولا خالق ولا قادر إلا الله , وهي أيضا من
أعظم إبداعات الله في خلق الإنسان وهي أجمل شيء فيه لأن جمال الإنسان مرتبط
بالوجه وأجمل ما في الوجه العينين , والعين مرتبط بها إعجاز الرؤية بأمر
الله لأن هناك من لديه نفس العينين ولكن لا يرى شيئا , فا حمد الله على
نعمة البصر واطلب منه نعمة البصيرة , وهو أن يرى قلبك بنور الله حقائق
الأمور وتتعامل معها بما يرضي الله , فاربط قلبك بربك من خلال عينك بأن ترى
ما أحل الله وتغضها عن كل ما حرم الله .
كما أن الأذن من
المصبات الهامة التي تغذي القلب وذلك من خلال أن تسمع عن الله من قرآن
يتلى وذكر يردد فالقاريء كالساقي والمستمع كالشارب , إسمع أيضا الخطب
والمحاضرات الدينية فهي تغذي قلبك بنور الإيمان وحب الواحد الديان .
ثم اللسان الذي
يمكن أن يجعلك أن ترتقي ألى أعلى الجنات أو أن يخسف بك في المهالك والزلات
وهو متصل بالقلب أيضا , قال صلى الله عليه وسلم " جاء في الصحيحين من
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ( إن
العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها
درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها
في نار جهنم ) ، وفي صحيح مسلم ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) , فاعمل جاهدا أن يكون لسانك رطبا بذكر الله وتلاوة كتاب الله " فمن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت ".
تركيبة النجاح الأخلاقي
فيا
أيها الباحث عن النجاح مع الله إليك هذه الوصفه الإيمانية السحرية التي
تجعلك ترتقي مع الله إلى منزلة يرضاها الله وتطيب بها نفسك , قال رجل
لسفيان الثورى: انى أشكو من مرض البعد عن الله فما العلاج؟
فقال له سفيان : يا هذا عليك بعروق الاخلاص وورق الصبر وعصير التواضع ، ضع هذا كله فى اناء التقوى وصب عليه ماء الخشية وأوقد عليه بنار الحزن وصفه بمصفاة المراقبة ، وتناوله بكف الصدق وأشربه من كأس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد عن الحرص والطمع ، تشفَ من مرضك باذن الله.
فقال له سفيان : يا هذا عليك بعروق الاخلاص وورق الصبر وعصير التواضع ، ضع هذا كله فى اناء التقوى وصب عليه ماء الخشية وأوقد عليه بنار الحزن وصفه بمصفاة المراقبة ، وتناوله بكف الصدق وأشربه من كأس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد عن الحرص والطمع ، تشفَ من مرضك باذن الله.
إنه بستان الأخلاق فنحن من أمة خير البشر الذي قال " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " , وزكاه ربه فقال " {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}, إنها
الأخلاق الإسلامية التي يجب أن نربي أنفسنا عليها وأبنائنا على مبادئها
السمحه حتى يكونوا فخرا للإسلام والمسلمين ويعلو بهم راية الحق في كل مكان
وزمان .
إبحث عن الحب الحقيقي
إعلم
أن نجاحك الإجتماعي مع الناس وحبهم لك وثقتهم فيك مرتبط إرتباطا وثيقا
بنجاحك الإيماني مع الله وحبك لله وحب الله سبحانه وتعالى لك فعن أبي
هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إِذَا أَحَبَّ
اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا
فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ
السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ
أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ" رواه البخاري .
فحب
الله للعبد هو أعظم مكافأة في الوجود لأن هذا العبد سيكون في معية الرحمن
ففي الحديث القدسي " عن أبي هريرة أنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي
وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي
بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ
عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا
أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي
يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي
يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي
لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ
مَسَاءَتَهُ "رواه البخاري.
فاسعى
أعزك الله إلى طلب النجاح والترقي مع الله وفي حب الله وتقرب إلى الله وفر
إليه , فمن خاف من شيء فر منه ومن خاف من الله فر إليه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق