السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ........ أهلا ومرحبا بكم في ساحة التنمية البشرية والتطوير الإداري

السبت، 16 يوليو 2011

إدارة المنظمات الخيرية العربية .

إدارة المنظمات الخيرية العربية .
إعداد/ أحمد السيد كردي

منظمات الأعمال الخيرية عادة ما تواجه ظروف بيئية خارجية قد تكون على درجة من التعقيد بسبب كثرتها وتداخلاتها وتشعب مجالاتها المختلفة , وعدم ثباتها لسرعة التغير والتبدل فى الأوضاع الإقتصادية لدى المجتمع المدنى , كما أنها تواجه أيضا ظروف داخلية تتميز بالصعوبة وعدم الثبات , هذا بالإضافة إلى مشكلات خاصة بالمعلومات والتى قد ترجع إلى نقص المعلومات عن الجهات المانحة والجهات المستفيدة أو عدم وضوحها أو دقتها وربما أيضا قد تكون غير متاحة فى التوقيت المناسب .

لذا من المناسب تعريف إدارة المنظمات الخيرية كما يلى : " هى عملية تخطيط وتنظيم وتوجية ورقابة لمجهودات أعضاء المنظمة الخيرية والإستخدام المناسب للموارد المتاحة والتعامل بفاعلية مع المتغيرات البيئية المحيطة بالعمل الخيرى وتأثيراتها المختلفة حتى يمكن تحقيق أهداف المنظمات الخيرية ".

ولقد أصبحت المنظمات الخيرية الصغيرة أكثر شيوعا مما سبق وكثيرا ما نجد بعض من يترك المنظمات الكبيرة ويقوم بإنشاء جمعيات صغيرة وعادة ما يكون لديها القدرة على التخصص فى مجال معين موجه إلى هدف محدد, ولديها إستراتيجيات وقدرات مختلفة للتتكيف وبسرعة مع ما يحدث من تغيرات داخلية أو بيئية .

كل ذلك يتطلب القدرة على التفكير إستراتيجيا , وترجمة الإستراتيجيات إلى أهداف محددة , وأيضا الفاعلية فى توجيه الموارد والمتابعة الميدانية للعاملين فى الجمعيات الخيرية وكذلك المتطوعين , وحتى يمكن تحقيق الكفاءة فى أداء الأعمال الخيرية والتطوعية , فلابد أن يعرف القائمين عليها ويفهمون وظائفهم جيدا , وبالتالى يعرفون ماذا يريدون إنجازة وكيف ينجزونه .

وحتى تنجح المنظمات الخيرية فعليها الإلتزام بالمبادىء والقواعد الإدارية المحكمة والتى تعمل على ضبط وتدقيق وتسيير الأعمال الخيرية , وبما يتناسب مع طبيعة العمل الخيرى وظروف القائمين عليه , كما يلزم أن تضع المنظمات ظروف المتطوعين فى الحسبان , لأن نجاح الجمعيات الخيرية يقوم على مدى توافر وفاعلية القوة البشرية المتطوعه لديها والتى تساهم بقدر كبير فى تنمية وتطوير وتقدم البنيان الخيرى فى المجتمع .

أى أن بقاء ونجاح المنظمات الخيرية يرتبط بفاعليتها فى التعامل مع القوى البيئية الداخلية من تعزيز قوة وعلاج ضعف وكذلك الخارجية فى الفرص والتهديدات وأيضا الدولية , ومتابعة وتحليل التطورات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية وتأثيراتها على عمليات المنظمة الخيرية , هذه أن هذه المنظمات تعمل فى نظام مفتوح يتأثر بكل من حولة .

وهناك العديد من المتغيرات الإقتصادية لها تأثيراتها المختلفة على المنظمات الخيرية ومن هذه المتغيرات معدلات التضخم وإمكانيات التحكم فيها على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى , وهى تؤثر بشكل مباشر على مدى إستقرار المعاملات المالية والأسعار بشكل عام , وفى هذه الظروف تعمل على خلق طبقتين أحدهما طبقة عليا قليلة العدد كبيرة الثروات بالنسبة لطبقة معدومة كبيرة العدد معدومة الدخل , أى أن هناك فجاوات إقتصادية بين الطبقتين , لذا يجب دراسة الوضع الإقتصادى فى مثل هذه الظروف والعمل على توزيع الثروات من خلال السعى المستمر على أن تقوم الطبقة الإقتصادية العليا بمنح الطبقة المعدومة حتى يصبح هناك توازن فى المجتمع وأن تتقارب الطبقات بأقصى ما يمكن .

هذا وتستطيع الحكومات أن تضع قيودا أو تمنح فرصا للمنظمات الخيرية , فالحكومة يمكنها أن تؤثر على فرص الأعمال من خلال تشريعات وقوانين التضامن الإجتماعى , وقوانين الضرائب ( مثلا : كما هو معمول به فى مصر : يمكن للجهات المانحة أن تقدم نسبة 30% من الضرائب الخاصة بها للجمعيات الخيرية بإيصالات معتمدة تخصم من الضريبة ) , كما يمكن كما يمكن للحكومات أيضا أن تؤدى دور هام وفعال فى تدعيم وتحسين القدرات التنافسية على المستوى الدولى وبالأخص فى بعض الدول المتفوقة ماديا فى الوطن العربى وذلك فى الخروج من النطاق الوطنى الضيق إلى الساحة الدولية بمساعدة ودعم المنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدنى إلى بحث سبل حل المشكلات والأزمات فى الدول العربية , ويمكن أن حكومات هذه الدول فى إنشاء صندوق للدعم وجهات منظمة تشترك فيها هذه الدول ويدعمها القانون الدولى فى الحماية ومن أمثلة المنظمات الدولية على الساحة : منظمات حقوق الإنسان الدولية والمنتشرة فى أغلب دول العالم , ومنظمات الإغاثة الدولية .

وتحتاج المنظمات الخيرية العربية الداعية إلى خدمة وتطوير وتنمية المجتمع المدنى إلى مزيد من التغيير والتطوير المستمر لمسايرة التحديات العالمية , فى ظل هذه الظروف الراهنة لدى الشعوب العربية للخروج بأنظمة تساعد فى النهضة والتنمية المجتمعية والعمل على تطوير نظم التعليم ومحو الأمية , حيث أن الجهل والأمة فى الوطن العربى بنسبة كبيرة مقارنتة بالدول المتقدمة , وكذلك العمل على تحويل أفراد المجتمع المدنى من قوة وطاقة مستهلكة إلى قوة إقتصادية منتجة ومن خلال توفير المشروعات وفرص العمل والقضاء عل مشكلة البطالة , كل هذه من أدوات منظمات المجتمع فى تحقيق التنمية المستدامة فى الوطن العربى .

هذا بجانب أن منظمات المجتمع المدنى تلعب أدوارا عديدة فى تحقيق التنمية الوطنية وتشجيع المشاركة المجتمعية وتقديم بعض الحلول للأزمات والمشكلات مثال ذلك : فى التعليم والصحة والرعاية الإجتماعية وأزمات الإسكان والعشوائيات وأطفال الشوارع والفقر وبعض إنحرافات السلوكيات الإجتماعية التى تسعى الحكومات الوطنية إلى علاجها أو القضاء عليها .

وتعتبر المنظمات التطوعية والخيرية أحد أشكال منظمات المجتمع المدنى لمزاولة الأنشطة الإجتماعية والإنسانية دون الهدف إلى الربح, وتشير الإحصائيات إلى تزايد أعداد وأنواع المنظمات الخيرية والتطوعية فى عديد من دول العالم وتختلف الدوافع الأساسية للمنظمات التطوعية من دولة لأخرى, كما أختلفت من حيث الأهداف والنطاق, وتلتزم الجمعيات الخيرية بالأهداف الموضحة فى قانون التأسيس مع الشفافية الكاملة والحوكمة المحددة.

وتؤدى الظروف البيئية والمجتمعية إلى توفير فرصا لنمو وتوسيع المنظمات الخيرية , ومن أهم أسباب تطور وظهور تلك المنظمات عدم قدرة الحكومات وحدها على الوفاء بإحتياجات المواطنين وتوفر القوانين والتشريعات التى تشجع على الأعمال الخيرية ورغبة البعض فى تقديم المساعدات المالية والعينية للمحتاجين , والإلتزام بأموال الزكاة.
وتزداد أهمية المنظمات الخيرية مع إزدياد مستويات الفقر فى المجتمع بشكل عام , كما أن حالات الأمية فى المجتمع تحتاج إلى مشاركات المؤسسات الخيرية لدعم عملية التعليم كما تقوم تلك المؤسسات ببناء وتكوين المدارس الخيرية .

كما أن لها دورا فعالا فى توسيع الفرص فى سوق العمل أمام الشباب ومساعدة المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم , وتشجيع الأعلام على الأعمال الخيرية والتطوعية يساعد على توفير المناخ الإيجابى لإنتشار المنظمات الأهلية التطوعية والخيرية .

وتقوم الجمعيات لخيرية بدور فاعل فى توفير بعض المشروعات الإستثمارية المباشرة وتمويل الأموال العائدة للمحتاجين , حيث تجعلهم منتجين ومكتفيين ذاتيا, ويشمل إستثمار أموال الجمعيات الخيرية كلا من الإستثمار المباشر فى المشروعات الإنتاجية والخدمية وكذلك الإستثمار غير المباشر فى الودائع المصرفية والأسهم والسندات وصناديق الإستثمار , ويراعى فى إستثمار الأموال الخيرية ضرورة مراعاة التوازن بين المشروعات المختلفة وحاجات المستفيدين المختلفة .

والعمل الخيري يختلف من حيث الرسالة وأسلوب الإدارة عن بقية الأعمال بسبب ارتباطه بالعائد المعنوي والاجتماعي، ولكونه نوع من أنواع الخدمات العامة التي تستهدف تنمية المجتمع ومساعدته في إحدى نواحي الحياة, ولهذا فهو يحتاج إلى الموارد البشرية القادرة على تحقيق رسالته، ولكن هذه النوعية من الموارد البشرية بحاجة إلى طرق إدارية مختلفة قادرة على تنظيمه واستثمار كافة قدراته وإمكاناته من خلال العمل سوياً ضمن فرق عمل مختلفة تساهم في تحقق أعلى عائد ممكن يعود على الجهة وعلى الفرد نفسه بالنفع والفائدة.

وبالتالي فإن العمل الخيري يهدف إلى الارتقاء بمستوى العيش للمحتاجين وتخفيف مواجهتهم للمعاناة والمخاطر وتشمل المشاريع التنفيدية للجمعيات الخيرية في طياتها التعامل مع الإنسان والحيوان والتربة والماء والنبات. إن العمل الخيري العربي وفي خضم تنفيذ مهامه التنموية يواجه مسؤولية التعامل مع البيئة ومقوماتها الأمنية من خلال الخطط والجهود المبدولة في المسار الإغاثي. أي أنه من الواضح أن هناك ارتباطاً وثيقاً وأساسياً بين العمل الخيري العربي والبيئة مما يجعل حتمية تبني سياسة أولية في الحفاظ على التوازن البيئي عبر تنمية مفاهيم الادارة البيئية في نشاطات مشاريع التنمية وذلك من خلال تقنين خطط وإدارة تلك المشاريع والنشاطات ووفقاً للأعتبارات البيئية وفي إطار مقومات الاستدامة المرتبطة بالتنمية البشرية.


المصدر : أحمد السيد كردي , مهارات إدارة العمل الخيري , مؤسسة الهادي للطباعة والنشر , القاهرة , مصر 2011 م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهم المشاركات