ن سعي المؤسسة نحو الحصول على الأموال بأقل تكلفة و بأقل تكلفة و بأفضل شروط ممكنة لا يمكن أن يكلل بالنجاح إلا بتخطيط احتياجاته المالية مقدما, وفي فترة زمنية كافية تسمح بالتفاوض المثمر مع موردي الأموال. و على العكس من ذلك, فإن الصعوبات المالية تظهر خطيرة عندما تفاجأ إدارة المؤسسة باحتياج ملح إلى الأموال دون توقع لهذا الاحتياج.
المطلب الأول: مفهوم التخطيط المالي وخطواته.
أولا: مفهوم التخطيط المالي :
يمثل التخطيط المالي الجانب المالي للتخطيط الاقتصادي من حيث جوهره, و
الذي يعد أسلوبا جيدا لتوزيع المواد و استغلالها بشكل أمثل لتحقيق أهداف
المؤسسة. من زاوية أخرى نشاط تنظيمي للمجال المالي يسعى لاختيار أهداف و تحقيقها باستخدام أفضل الوسائل المتاحة. يتضمن دراسة المواد المالية للمؤسسة ونفقاتها, كما يمتد لدراسة الادخار باعتباره إحدى مصادر التمويل و الاستثمار, كما يتضمن أيضا تقدير الاحتياجات من الأموال ومجالات استخدامها .
ومن الضروري معروفة أن تقدير احتياجات المؤسسة من الأموال يتم في ضوء احتياجات تنفيذ خططها المستقبلية لان الخطط تترجم في النهاية موازنة
تخطيطية توضح إحتياجيات تنفيذ الخطط من الأموال و توضح الموازنة التخطيطية " الموازنة التقديرية " مجالات استخدام الأموال المطلوبة من أجل تنفيذ الخطط و الوصول إلى الأهداف .
يتضمن التخطيط المالي أيضا تخطيطيا الحصول على الأموال و توقيرها في الوقت .
وفي هذا الصدد تأتي أهمية تحديد المصادر التي يمكن اللجوء إليها من أجل
تمويل و تغطية احتياجات المؤسسة من الأموال و التي تم تقدير الحاجة إليها
بشكل مسبق .
ويمتد التخطيط المالي لشمل أيضا مشكلة تخطيط استثمار الأموال .
تبرز هنا مسألة المجالات التي يمكن أن يتم الاستثمار بها و المفاضلة بينها
وفق معايير مختلفة ترتكز أكثرها على الربح المتوقع من كل بديل لاختيار
البديل الأنسب .
لذا من الضروري الاهتمام أيضا بتخطيط توزيع الأرباح , حيث تعتبر مسألة
توزيع الأرباح في الشركات المساهمة من أهم القرارات التي تتخذ في مجال
التخطيط المالي حيث يتطلب الأمر وجود سياسة مدروسة من أجل ذلك .
من هنا تبرز أهمية التخطيط المالي كما نرى من خلال تناوله لمواضيع هامة و مصيرية بالنسبة للمؤسسة.
ثانيا: خطوات التخطيط المالي.
يعتبر التخطيط المالي جزء من التخطيط الشامل في المؤسسة و لذلك فإن مراحل التخطيط تنطبق كثيرا على مراحل التخطيط المالي و يمكن ذكرها على النحو التالي:
1- المرحلة الأولى: تحديد الأهداف الرئيسية والفرعية.
تشتمل هذه المرحلة على تحديد الهدف المالي الرئيسي و الذي يدور في إطار
التوظيف الأمثل لرأس المال من أجل زيادة كفاءة عوامل الإنتاج و الموارد
المتاحة في المؤسسة, و يتم تجزئة هذا الهدف إلى أهداف متوسطة الأمد و
قصيرة الأمد , و يمكن وضع الأهداف الفرعية الأخرى لكن من الضروري أن تكون هذه الأخيرة منسجمة مع الهدف الرئيسي .
2- المرحلة الثانية : تكوين السياسات المالية.
تعتبر السياسات المالية بمثابة المرشد و الدليل العاملين في مجال الإدارة المالية عند اتخاذهم قراراتهم ويراعى عند وضع هذه السياسات أن تحقق مصالح
المؤسسة و أن لا تكون متعارضة مع السياسات الأخرى الموضوعة في أقسام
المؤسسة المختلفة و من أمثلة هذه السياسات:
-سياسة الاقتراض.
-سياسة التحصيل.
-سياسة التمويل الذاتي.
-سياسة توزيع الأرباح.
-سياسة الاستهلاك.
ومن الضروري أن تنسجم السياسات العاملة للمؤسسة و مع الأهداف الموضوعة لان السياسات المالية توضع من اجل المساهمة في تحقيق الأهداف و ليس من اجل تأخير أو عرقلة الوصول لهذه الأهداف .
3- المرحلة الثالثة: إعداد الموازنات التخطيطية.
تعتبر هذه المرحلة ذات أهمية خاصة في وضع الخطط المالية حيث تتحول الخطط المادية إلى خطط مالية جزئية تتكامل لتشكل الخطة المالية الشاملة.
و الموازنة التخطيطية ما هي إلا ترجمة مالية لخطط التشغيل الأخرى أو أهداف المؤسسة خلال فترة معينة و تعتبر الأرقام الواردة في الموازين بمثابة
مؤشرات تخطيطية و رقابية . لذلك يجب مراعاة الدقة و الصحة أثناء إعداد هذه الموازين لأن الخطأ أثناء إعداد هذه الموازين قد يعرض المؤسسة إلى مشاكل كبيرة.
4-المرحلة الرابعة : مرحلة تكوين الإجراءات و القواعد المالية.
يتم بموجب هذه المرحلة تحويل الميزانية التخطيطية و الأهداف و السياسات
إلى تفاصيل تساعد على تحقيق الخطة المالية كأن يتم توزيع الخطة السنوية
مثلا إلى خطط ربعية و هذه بدورها إلى خطط شهرية ثم خطط أسبوعية...الخ. أو القيام بالتوزيع الوظيفي للخطة أي توزيعها على فروع و أقسام ووحدات المؤسسة حسي اختصاص ومهمة كل منها .
ومما لا شك فيه أن مثل هذه الإجراءات و القواعد تسعى تسعى إلى تحقيق أكير قدر ممكن من التنسيق في التنفيذ .
المطلب الثاني : أهمية التخطيط المالي و متطلباته.
أولا : أهمية التخطيط المالي:
فهو يتيح فرصة التعرف على الاحتياجات المالية المستقبلية و الاستعداد لها
بشكل مسبق كما يتيح أيضا الفرصة للتعرف على ما سيكون عليه المركز المالي و ربحية المؤسسة في المستقبل من أجل اتخاذ الإجراءات التصحيحية إذا احتاج الأمر إلى ذلك .
فعندما يتم الكشف عن حاجة للنقدية في أحد الأشهر المقبلة يمكن للمدير
المالي أن يفكر بعدد من بدائل التمويل و اختيار أنسبها, فيمكن الحصول بذلك
على الأموال يشكل أفضل من حيث تكلفها , ومقدارها. بينما إذا لم يتم اللجوء
للتخطيط المالي فلن يتم الكشف عن موعد هذه الحاجة و بالتالي سيتم الوقوع
في ضائقة مالية وقد يكون الخروج من هذه الضائقة أمرا ليس بالسهل وهذا
سيرتب مصاريف و تكاليف أكبر من الحالة الأولى. مما يكسب التخطيط المالي أهمية خاصة لأنه يتناول تحديد الحاجة للأموال و كمية هذه الحاجة ومدتها وتوقيعها ومصدر تغطيتها بالإضافة إلى طريقة تسديدها.
لقد أثبتت التجربة في المؤسسات الاقتصادية أن عدم إتباع التخطيط يؤدي إلى
فشل هذه المؤسسات ولقد ازدادت أهمية التخطيط نتيجة توسع المؤسسات و تعقد أعمالها .
ثانيا : متطلبات التخطيط المالي الجيد.
إن إعداد خطة مالية فعالة يتطلب توافر مجموعة الاعتبارات التالية:
1- دقة عملية التنبؤ : تتوقف كفاءة الخطة المالية على مدى دقة التنبؤ التي
تقوم عليها الخطة . يعتمد القائم بالتخطيط على مصادر عديدة للمعلومات وعلى أساليب عديدة للتنبؤ مثل النماذج الاقتصادية التي تقوم بتحليل التفاعل بين المتغيرات الاقتصادية المختلفة.
كما قد يتم الاعتماد على الأساليب الإحصائية التي تقوم بتحليل السلاسل
الزمنية على النماذج التسويقية التي تهدف على دراسة سلوك المستهلك.
ترجع صعوبة عملية التنبؤ إلى ضرورة وضع تصورا يشمل كافة الظروف المحيطة بالمؤسسة مثل نسبة التضخم و معدلات نمو الاقتصاد القومي ومدى توافر المواد الخام في المستقبل و أسعار العملات المختلفة ...الخ. وذلك جنبا لجنب مع الظروف الداخلية للمؤسسة وعند قيام المخطط المالي بعملية التنبؤ لا بد من دراسة كل الظروف المتوقعة و الظروف غير المتوقعة, حيث أن تحليل المخاطر التي يمكن أن تواجهها المؤسسة عند المفاضلة بين مجالات التمويل ومجالات الاستثمار البديلة يعتبر من صميم عمل القارئ بالتنبؤ و التحليل المالي.
2- الوصول إلى أفضل خطة مالية ممكنة:
لا يوجد حتى الآن نموذج أو نظرية تساعد المدير المالي على تحديد أفضل خطة مالية ممكنة . لذلك يجب على القائم بالتخطيط المالي أن يواجه كافة المشاكل و الظروف المتوقعة و يححد في ضوئها أفضل البدائل الممكنة فنجد أنه على سبيل المثال لا توجد ضالان قاعدة تحدد ما إذا كان من الأفضل إجراء توزيعات كثيرة لحملة الأسهم أو الاحتفاظ بالأرباح لأغراض التمويل الذاتي للمؤسسة ولكن على الرغم من ذلك فإن على المدير المالي أن يتخذ قرارا بشأن سياسة التوزيعات المثلى التي يجب إتباعها في المؤسسة التي يعمل فيها.
3- مراجعة ومتابعة الخطة المالية:
لابد من الاهتمام بعملية متابعة التنبؤات التي تم بناء الخطة المالية في ضوئها خاصة في حالة حدوث بعض الظروف غير المتوقعة. بمعنى لابد من الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية المحيطة بالمؤسسة عند تحقيق الأداء محل القياس.فقد ينحرف الأداء عن الخطة التي سبق إقرارها نظرا بمرور الاقتصاد القومي بمرحلة مؤقتة من الكساد .
المطلب الثالث : أنواع التخطيط المالي :
1- التخطيط طويل الأجل: يساعد المؤسسة على وضع السياسات المالية التي في ضوئها يتم إعداد الخطط المالية قصيرة الأجل , وتتراوح الخطط المالية طويلة الأجل بين سنتين إلى عشر سنوات , و تلعب طبيعة نشاط المؤسسة دورا هاما في تحديد الفترة الزمنية التي تغطيها الخطة المالية , و بفرض أن التخطيط طويل الأجل يغطي فترة خمس سنوات , فإنه يبدأ بالتنبؤ أو مجموعة من الافتراضات التي تغطي ما سوف تكون علية الظروف الاقتصادية العامة , و ظروف الصناعة, و المناخ القياسي خلال نفس الفترة . كما يجب أن يغطي التنبؤ أيضا بعض النواحي الهامة الأخرى مثل ظروف العمالة , الأجور , إمكانية الحصول على المواد الأولية و التغيرات المتوقعة في أسعارها , ظروف السوق , مستويات الأسعار , قوى المنافسة , و المستوى التكنولوجي . وبالرغم من أن التنبؤ ببعض هذه المتغيرات قد يكون صعبا وتنقصه الدقة التامة إلا أن هذا لا يمنع من المحاولة.
بالإضافة إلى ما سبق , فإن التنبؤ بظروف سوق رأس المال خصوصا فيما يتعلق باتجاهات أسعار الفائدة ومدى توفر الأموال يعتبر أيضا ضروريا . حقيقي أن جميع المتغيرات السابقة قد لا تؤثر على نشاط المؤسسة بطريقة مباشرة , كما قد يكون من الصعب وجود ارتباط قوي بين الظروف الاقتصادية العامة و عمليات المشروع .
ومع ذلك فإن هذه الظروف و سائر المتغيرات الأخرى لها تأثير غير مباشرعلى عمليات أي مؤسسة تجارية بغض النظر عن نوع النشاط التي تزاوله ومن ثم فمن الضروري وضع مجموعة من الافتراضات المتعلقة بتأثيرها المستقبلي على عمليات المشروع . بغض النظر عن نوع النشاط التي تزاوله ومن ثم فمن الضروري وضع مجموعة من الافتراضات المتعلقة بتأثيرها المستقبلي على عمليات المشروع.
إن التقديرات السابقة و المتعلقة بالظروف الاقتصادية العامة تمثل الأساس
الذي يستند عليه المدير المالي في تحديد أفضل المصادر و أنسب الأوقات
الملائمة للحصول على الاحتياجات المالية اللازمة للمشروع. و إذا كان هذا
العمل يمثل صلب مسؤولية المدير المالي . وهما من مسؤولية مرتقبة الحسابات . وهنا نجد مرة أخرى أن كل من المدير المالي و مراقب الحسابات يستخدم نفس المعلومات عند القيام بعملية التخطيط المالي .
إن الاحتياجات المالية لا يمكن تحديدها على أساس التنبؤ بالظروف الاقتصادية العامة فحسب. بل إن الأمر يتطلب ضرورة التحديد التفصيلي لبرامج النشاط المزمع تنفيذه. وهذا التحديد يمثل الخطوة التالية في عملية التخطيططويل الأجل. البرنامج التفصيلي للنشاط لابد أن يتضمن التنبؤات البيعية والسلع الجديدة المقرر إضافتها, التوسع في السوق الحالية و الأسواق الجديدةو المحتملة , التغير في المزيج السلعي , الحملات الإعلانية . و إذا كان هذا البرنامج سوف يتطلب استثمارات جديدة في المعدات الرأس مالية أو زيادة في حجم القوة العاملة , فإن التحديد الدقيق لحجم الاستثمار اللازم والزيادات في الأجور يمثل خطوة ضروريتها في التخطيط المالي السليم . وفي هذه المرحلة يبدو مرة أخرى الدور الذي يقوم به مراقب الحسابات في عملية التخطيط المالي. فمن واقع البرنامج الذي يحدد ما سوف تقوم به المؤسسة من عمليات, يقوم مراقب الحسابات بإعداد الميزانيات العمومية و قوائم الدخل المتوقعة, ومنها يمكن تحديد الاحتياجات المالية.
ومن الطبيعي أن تتوقف الدقة في تحديد الاحتياجات المالية على مستوى الدقة
المتبع في إعداد الميزانيات العمومية و قوائم الدخل, و التي تعتمد بدورها
على مدى الفعالية في وضع البرنامج التفصيلي لنشاط المؤسسة.
وينصب في العادة التخطيط طويل الأجل على النواحي التالية :
- كيفية تحديد الخطة الاستثمارية.
- البرامج والأبحاث المتعلقة بالمنتجات الجديدة.
- المصادر الرئيسية للحصول على الأموال .
- كيفية سداد القروض المختلفة .
- إمكانية الاندماج مع شركات أخرى .
فالكثير من المؤسسات التي تهدف إلى الانضمام أو الاندماج مع بعض المؤسسات الأخرى أو إلى أي صور التوسع التي لا تدخل ضمن العمليات العادية , ومثل هذه الأموال ينبغي أخذها في الحسبان لأنها سوف تتأثر حتما على الخطة المالية .
2-التخطيط قصير الأجل: لا توجد فروق جوهرية بين التخطيط قصير الأجل
و التخطيط طويل الأجل من حيث المدخل أو الطريقة التي تتبع في الحالتين.
فالخطة القصيرة الأجل لا تزيد عن مجرد تعبير أكثر دقة و أكثر تفصيلا
للنشاط المزمع القيام به في مرحلة مقبلة تعتبر جزءا من المرحلة التي
تغطيها الخطة طويلة الأجل. و الخطة القصيرة تغط فترة سنة أو بضعة أسابيع , وفي جميع الحالات يجب أن تبدأ بعملية إعادة تقييم للخطة الطويلة الأجل , وذلك لضمان أنها تأخذ في الحسبان التغيرات في الظروف التي حدثت بعد وضع الخطة طويلة الأجل .
وعادة ما تأخذ الخطط القصيرة الأجل شكل الموازنة التقديرية التي تعتبر ترجمة مالية لنشاط المؤسسة خلال فترة التخطيط.