السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ........ أهلا ومرحبا بكم في ساحة التنمية البشرية والتطوير الإداري

الاثنين، 18 يوليو 2011

دور منظمات المجتمع المدني في خلق مجتمع المعرفة


دور منظمات المجتمع المدني في خلق مجتمع المعرفة

الاستاذ الدكتور
ابراهيم سعيد البيضاني
العراق / الجامعة المستنصرية

يؤدي المجتمع المدني دورا مهما وكبيرا في خلق مجتمع المعرفة ،وهناك ارتباط وعلاقة جدلية مهمة بينهما ، اذ ان منظمات المجتمع المدني تعمل في مجال نشر وتنمية حقوق الإنسان ، وأصبحت هذه المنظمات هي الكيان المدافع عنها ، وتلعب دورا مهما في التأثير على الرأي العام والوعي الاجتماعي والدعوة لأفكار المساواة والتعددية الثقافية والسياسية ،واحترام قيم حقوق الانسان ، زيادة على ذلك فان منظمات المجتمع المدني تعمل في ميادين مهمة اخرى ، تشكل مناخا ملائما لنمو المعرفة والمعلوماتية ، كالإعلام والاتصال وتكنولوجيا المعلومات ، وبالتالي فان دورها مؤثر وفعال في تحقيق التنمية ، وربط المواطن بقضاياها ، ينضاف إلى ذلك، ان تعاون منظمات المجتمع المدني مع المنظمات الشعبية كالاتحادات والنقابات والجمعيات والمنظمات المهنية ، وما يتمتع به من قدرة في حشد القوى الشعبية تجعله يدفع نحو دور كبير في خلق مجتمع المعرفة .
وقد ساهمت منظمات المجتمع المدني العربي مساهمة جادة في القمم والمؤتمرات العالمية لمجتمع المعلومات ، وتضمنت تقاريرها خطة عمل حول تعميق وتأكيد علاقة المواطن العربي بمجتمع المعرفة ومجتمع المعلومات، وتلبي المنظمات  المدنية حاجات المجتمع في هذا المجال ، من خلال نشر وتوفير تكنولوجيا المعلومات وخدماتها ، بل ان هذه المنظمات تقوم بالضغط على الحكومات العربية ودفعها نحو نشر وتفعيل امتلاك التقنية العلمية المتطورة في مجال المعلومات وخلق مجتمع المعرفة ، اذ ان المجتمعات العربية بوصفها مجتمعات نامية تعاني من فجوة هائلة في مجال المعلوماتية .
لذلك لابد من إعطاء دور لمنظمات المجتمع المدني في تكوين الجمعيات والنوادي المعرفية والتعبير عن حرية تداول المعلومات ، فضلا عن دورها في مجال نشر الديمقراطية وثقافة المجتمع المدني والتسامح والحوار والقبول ، والوصف ينطبق أيضا على دور الدولة التي تشكل حجر الزاوية في اي برنامج او مشروع لبناء مجتمع عربي معرفي ، إذ تقع على عاتق الدولة مهمات كبيرة على رأسها التعليم وتطوير أنظمته ، ونشره والاهتمام بالمراكز المعنية بتكنولوجية المعلومات والاتصالات وسن التشريعات التي تحد من الرقابة والحد من الرأي .
ولغرض دراسة هذه الثنائية المترابطه الوثيقة بين المجتمع المدني ، ومجتمع المعرفة ،نقدم هذه الدراسة التي تهتم بدور منظمات المجتمع المدني في خلق وتكوين مجتمع المعرفة ، من خلال دراسة وقراءة السبل نحو تحقيق وبناء مجتمع المعرفة ، ودور واهمية منظمات المجتمع المدني  في اداء هذه المهمة .

اولا :مجتمع المعلومات والمعرفة
يفهم مجتمع المعرفة بانه توافر مستويات عليا من البحث والتنمية وتكنولوجيا المعلومة والاتصال.  و هو مجتمع الثورة الرقمية ، التي أسهمت في تغيير العلاقات في المجتمعات المتطورة ورؤيتها للعالمين ، حيث أصبحت المعلومة والمعرفة سمة ومقياسا لمعنى القوة والتفوق في صياغة أنماط الحياة وتشكيل الذوق الفني والقيم ، فضلا عن مضاعفة سرعة الفتوحات العلمية والإبداعية والتراكم المعرفي.
    إن المعرفة هي القيمة المضافة الأهم في مجال الثورة التكنولوجية، التي تبشر بعالم ما بعد الحداثة والتصنيع ، ويعد تسويق المعرفة المحرك الأول للتنمية المستدامة والحلبة الأهم للتنافس الدولي ومصدر القوة والمناعة للأمم المتفوقة في إنتاجها ، و امتلاك ناصيتها يؤهل أصحابها لبسط نفوذهم وقوتهم وسيطرتهم السياسية والاجتماعية والثقافية على غيرهم ، ففيه يحظى التعليم والثقافة والاتصال واستخدام الذكاء الاصطناعي وتأهيل الإنسان بمناهج ومحتويات البرامج الراقية لأن يغدو فعالا ومبدعا في مؤسسات تسهر على زيادة الإنتاج وتفعيل آليات التفكير والتجديد والاختراع  والمردودية العالية ([1]).
في مجتمع المعلومات تشكل المعلومة المادة الخام الاساسية ، اذ ان استثمارها يولد المعرفة ، فالمعلومة تولد معلومة اخرى ، ويصبح المجتمع المعلوماتي متجددا ومتطورا نوبالتالي اصبح للمعلومات مكانة مهمة واساسية في تكوين المجتمع الجديد ،وقد وفرت شبكات الاتصال والحواسيب خدمات معلوماتية معلوماتية وقدرة على استخدام التكنولوجيا في مجال الفكر والعقل الانساني  والاتصال ونظم الخبرة والتطور العالية ([2]).
ان اقامة مجتمع المعرفة يتطلب ردم الفجوة المعرفية الرقمية التي تقوم وتعتمد على البحث العلمي وامتلاك التقنيات العلمية ، اذ ان  انتشار الامية وضعف وتيرة النهضة الفكرية والعلمية والثقافية تشكل تحديا كبيرا امام اقامة مجتمع المعرفة ، لذلك يتطلب امتلاك الثورة التكنولوجية  اعتماد تنمية مستدامة واتاحة المعرفة وامتلاكها بشكل عادل ، وتعبئة جهود قطاعات المجتمع وعلى راسها منظمات المجتمع المدني لتسهم في بناء مجتمع المعرفة  ([3]).
فقد أدى عدم توزيع وإتاحة وتقاسم المعرفة بشكل متساو إلى إعاقة التنمية ، اذ من المهم ان ندرك أهمية وجود المعرفة وبنائها وتقاسمها وتوزيعها بشكل ملائم من أجل تنمية المجتمع.من اجل تحقيق المزيد من التطور المعرفي ومن اجل بناء المجتمع وصالحة يجب ان تظل المعرفة حرة ومجانية ، اذ المعلوماتية والتقنية العالية هى اساس ذلك المجتمع([4]).
تتميز مجتمعات المعرفة أن المعرفة تشكل أهم المكونات التي يتضمنها أي عمل أو نشاط، وخاصة فيما يتصل بالاقتصاد والمجتمع والثقافة، وكافة الأنشطة الإنسانية الأخرى التي أصبحت معتمدة على توافر كم كبير من المعرفة والمعلومات، ويتسم مجتمع المعرفة بكون المعرفة لديه من أهم المنتجات أوالمواد الخام ،أصبحت من أهم مكونات رأس المال في العصر الحالي، بل ان تقدم أي مجتمع مرتبطا أساسا بالقدرة على استخدام المعرفه ، وبفضل التكنولوجيات الحديثة، لم يعد ضروريا التقيد بالتواجد في نفس المكان الجغرافي وتسمح ،التكنولوجيا المتاحة حاليا المزيد والمزيد من الإمكانيات لتقاسم المعرفة وحفظها واستعادتها ([5]).
أن الدولة تشكل حجر الزاوية في بناء مجتمع معرفي عربي، وعلى الرغم من الدور الذي يمكن أن يلعبه كل من القطاع الخاص أو المجتمع المدني في خلق وتطوير المجتمع المعلوماتي والمعرفي بالدول العربية، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث دون أن تفسح الدولة المجال لهما ليتمكنا من لعب دور ملموس في هذا المجال .ومن الأدوار التي يجب أن تسعى الدولة إلى تحقيقها للوصول إلى ذلك، هو العمل على تهيئة الظروف في العديد من المجالات، سواء في النظام التعليمي من حيث ضرورة أن يصبح التعليم وحتى المرحلة الثانوية في البلدان العربية إلزامياً، وتطوير أنظمة محو أمية للكبار وتعميمها في الأرياف والمدن، والإهتمام بإنشاء المعاهد والمراكز المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات و تشجيع القطاع الخاص على الإستثمار في مجال التكنولوجيا والإتصالات، ووضع التشريعات الملائمة التي تكفل حقوق الملكية الفكرية وتقنين التوقيع الإلكتروني وإتاحة خدمات الإتصال بشبكة الإنترنت، وإنشاء مراكز تكنولوجية، تهدف إلى تبنى الشباب المتفوقين وإحتضانهم علمياً ([6]).
ويتطلب بناء مجتمع المعرفة مراجعة برامج التعليم المدرسي والتكوين الجامعي وترقية البحث بالتأطير الجيد للمدارس والجامعات والعناية بالباحثين في المراكز المتخصصة، والانطلاق من رؤية شاملة قوامها حرية الرأي والتفكير، والتعبير، وترشيد الأدوات والوسائل المعرفية، في ظل نظم تقوم على حكم راشد، وتكافؤ الفرص بين كل المواطنين  وتشجيع الإبداع في العلوم والفنون والآداب والترجمة إلى اللغة العربية،  و الأهمية الإستراتيجية في التفكير في بناء مجتمع المعرفة وتوطينه باللغة العربية ذات القدرة على مواكبة العلوم والتقنيات الحديثة، كما أن تطويرها وتجديدها والإبداع فيها وبها ، يسهل من نقل المعرفة في مجتمعاتنا لأن الاقتصار على اللغات الأجنبية سيمركز المعرفة بيد فئة قليلة، مما يعرقل إشاعتها وتبادل المعلومة وبالتالي سنكون أمام شعوب لم تستوعب عصرها ولا تستطيع الدفاع عن نفسها ولا هي قابلة للتغيير والتطوير، أن استخدام العربية في مجتمع المعرفة يضمن نشرها بين مختلف شرائح المجتمع ويحافظ على الخصوصية الثقافية لشعوبنا مصدر التنوع والثراء في الحضارة الإنسانية، ويهيئها لأن تكون مشاركا فاعلا ، ويحفزها لتتبوأ مكانة فاعلة في العالمية ، ومحاورا كفئا مع اللغات والثقافات الأخرى، وليس مجرد سلعة أو سوقا لاستهلاك منتوجها([7]).
ولتكنولوجيا المعلومات والاتصالات علاقة وثيقة بالنوع الاجتماعي ، فهي تؤدي دمجا بفئات محددة من الشباب المعوقين وبالنساء والنوع الاجتماعي في سوق العمل واشراكهم في المجتمع ، وهذه المهمة ايضا تشترك فيها منظمات المجتمع المدني التي تهتم اهتماما كبيرا في قضايا هذه الفئات التي تعد من اولويات التنمية والارتقاء بهذه الفئات نحو تحقيق انتاجيه اعلى ، وتلعب تكنولوجيا المعلومات في ادماجهم بسوق العمل ويبقى دور منظمات المجتمع المدني شديد الأهمية والتأثير في إعتبار قضايا المعوقين أحد أولويات التنمية، وإعتبارهم فئة كاملة الحقوق تملك كل القدرات والإمكانيات لكي تكون ذات إنتاجية عالية  ([8]).
وضرورة فهم أهمية المساواة على أساس النوع الإجتماعي في مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، وإستخدام أدوات فعالة لإدماج مفاهيم النوع الإجتماعي في إستراتيجيات وسياسات تكنولوجيا المعلومات والإتصال، وضرورة دمج النوع الإجتماعي في سياسات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات إنطلاقاً من كون المساواة على أساس النوع الإجتماعي تحسن من رفاهية الناس، من العوامل التي تحول دون وصول وسهولة إنخراط المرأة في هذه التكنولوجيات من مثل العنف الممارس ضدها وضعف الحلول المتاحة، محدودية المحتوى العربي، ضعف التعليم والتدريب الموجه للنساء في مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصال، ووجود قيود تفرضها الثقافات المحلية تنتقص من فرص تمكين النساء كالعمل، والتعليم بشكل عام ([9]). كلها قيود تقف حاجزا امام قيام مجتمع معرفي تستطيع تكنولوجيه المعلومات من ازالتها والتعامل معها بما يحقق المشاركة الواسعة والمساواة والعدالة .
أن الدول الصناعية المتقدمة تنفق ما نسبته 2.5 ـ 3% من ناتجها القومي الإجمالي على البحث العلمي كما في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا. بينما لا تزيد نسبة ما تخصصه البلدان العربية مجتمعة للبحث العلمي عن 1% من متوسط ناتجها القومي الإجمالي، علماً أن هذا المبلغ على ضآلته يدفع غالبيته كرواتب. فإنتاج ونشر المعرفة في البلدان العربية ما زال يعاني من جملة صعوبات تتمثل في نقص الدعم المؤسسي وعدم توافر البيئة المناسبة لتشجيع العلم، إضافة إلى انخفاض أعداد المؤهلين للعمل في البحث والتطوير الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة الإنفاق العام وتحديد الأولويات التنموية على ضوء المتغيرات.
مجتمع المعرفة والاقتصادات المبنية على المعرفة مرحلة نوعية في تاريخ البشرية تجعل من المعرفة مورداً لا ينضب تسعى المجتمعات والدول لاكتسابه والاستفادة من المزايا التي يوفرها لمنتجيه. فالغني اليوم ليس غني الأموال فقط بل غني المعرفة، والفقير أيضاً ليس فقير الدخل فقط، بل فقير المعلومات، هذا إضافة إلى العلاقة المؤكدة التي تربط بين ارتفاع الدخل وتحسن المعارف والعكس بالعكس. ما يميز اقتصاد المعرفة إذاً الاعتماد المتزايد على قوة العمل المؤهلة والمتخصصة في مختلف ميادين الحياة، إلى جانب انتقال التنظيم الاقتصادي من الاعتماد على إنتاج السلع إلى إنتاج الخدمات.فحوالي 70% من القوة العاملة في كندا والولايات المتحدة واليابان تعمل في ميدان الخدمات. لكن أسلوب إنتاج المعلومة ونشرها واستنساخها قد قلل الفوارق بين السلع والخدمات. والمعلومة التي تشكل قوام مجتمع المعرفة أدت إلى اختلاف وتداخلات بين اقتصاد السلع واقتصاد الخدمات ،وهكذا فإن الإنسان الفاعل في النظام الجديد هو إنسان متعدد المهارات وقادر على التعلم الدائم، الأمر الذي يتطلب سرعة التكيف والتأقلم مع التبدلات المتواترة الناتجة عن الطبيعة الاقتحامية والتحويلية للتكنولوجيا والتي تؤثر بشكل ملموس على النظم الاجتماعية والثقافية، وطرق العيش، وعادات الاستهلاك، ومعنى العمل ومكانته ([10]).
ان المعرفة هي الوسيط ألمعلوماتي ليس فقط في أطار مفهومها الفلسفي ، بل في اطار مفهومها العملي ، فالمعرفة التي تتصف بالشمولية وتركز على الجوانب الجوهرية الثابته هي الخيار المطلوب ، وليس فقط التأكيد على المعلومات السريعة المتغيرة الجزئية ، اذ ان كثرة المعلومات قد لا تؤدي الى المعرفة ،ويوصف عصر المعلومات، عصر التطور السريع لشبكة الإنترنت، يمكن وصفه بعصر الانتقال والانفصال، الانتقال من عصر المنتديات العلمية إلى سوق التجارة الإلكترونية، ومن عصر القلق الفكري إلى عصر القلق الوجودي ، والانفصال بين الفكر والسلوك، بين النظرية والتطبيق، بين التعليم والتربية، بين التنمية والمحافظة على البيئة، وبين التقدم الإقتصادي وتحقيق الرفاهية والسعادة الحقة([11]).
          تاثرت البيئة الاقتصادية العالمية على نحو ملموس وبسرعة مع انتشار تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في كافة مناحي الحياة ، بل ان مجتمع المعلومات المستقبلي يحمل العديد من الفرص في زيادة القدرة التنافسية للدول النامية ، وتحسين نوعيه حياة الافراد وتعزيز فاعلية المؤسسات ، وتدفع هذه التكنولوجيات العالم نحو الاقتصاد الرقمي ومجتمع المعلومات العالمي من خلال التطبيقات المتنوعة على تسهيل اعتماد أساليب حديثة للتعليم.
          وتواجه الدول العربية، بشكل خاص، فجوة معرفية هائلة متزايدة الاتساع لا يمكن تقليصها بفعّالية سوى باتباع خطوات سريعة لتقليص الفجوة الرقمية القائمة حالياً بينها وبين الدول المتقدمة ، وتتسم المنطقة العربية بمستويات متدنية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أن نسبة 0،7% فقط من السكان يشتركون في الإنترنت، وتقتصر نسبة استخدام الحاسوب على 1،8%، حسب آخر نشرات الاتحاد الدولي للاتصالات ([12]) .
معظم الدول العربية تفتقد سياسات وطنية تمهد التقدم نحو مجتمع المعلومات، وتفتقد التخطيط على النحو المطلوب لتعزيز القدرات الوطنية في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، بما في ذلك القدرة للقيام بالبحث والتطوير التكنولوجي.  فضلا عن ان المبادرات الهادفة إلى نشر تطبيقات هذه التكنولوجيات في المجالات ذات الأولوية وإتاحة المعلومات والمعرفة هي في مراحلها البدائية ([13]).


ثانيا :دورالمجتمع المدني في بناء مجتمع المعرفة
يتعاظم الاهتمام بالمعرفة كل يوم مع ثورة المعلومات وبروز مفهوم مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة وتكثيف البحوث في الدور المعرفي للفاعلين المختلفين في المجتمع ومن بينهم منظمات المجتمع المدني في مجالات انتاج المعرفة، نشر واقتسام وتطبيق المعرفة التي تضطلع بدوررائد في انتاج ونشر المعرفة وتطبيقها وذلك بالإصدارات التي ينشرها في كتب ومجلات وأوراق مطبوعة أو منشورة في الانترنت وذلك من خلال منظمات المجتمع المدني أحد ركائز الحكم الراشد بجانب الدولة والقطاع الخاص ، اذ إن القوة المعرفية للمجتمع المدني تزداد عمقاً وتجذراً وثباتاً بالرغم من التحديات التي تواجهه في مجالات المعرفة المختلفة  ([14]).
التحديات الراهنة للمجتمع المدنى:
يواجه المجتمع المدنى العربي العديد من العقبات  وهى تحديات كبيرة بعضها مزمن والاخر يستجد بفعل التغييرات التى تطرأ على المجتمع ، وهذه المعوقات والتحديات تتمثل في محدودية التمويل حيث تعانى 87،9% من منظمات المجتمع المدنى منه ،وقلة التعاون والتشبيك والتنسيق بين منظمات المجتمع المدني ،و قلة اعداد المتطوعين بسب ضعف ثقافة التطوع ، وقيود الاطار القانوني السائد في الوطن العربي ([15]).
فضلا عن ان منظمات المجتمع المدني تواجه مشكلة عدم التنسيق والتشابك فيما بينها من جهة وغياب التنسيق بينها وبين القطاع الخاص والحكومي من جهة ثانية ، وقله وعي وادراك اهمية كل قطاع والافتقاد الى الخطة التي تعمل بها هذه الاطراف ،على الرغم من وجود رؤية استراتيجية متفائلة بدور مستقبلي اكبر لمنظمات المجتمع المدني في اتاحة المعلومات وتطوير المعرفة من خلال وجود بوادر لسياسات اكثر انفتاحا على المعلومات ومشاركة مجتمعية قد تحقق اداءا افضل في التنمية واعتماد مشاريع معلوماتية وقواعد بيانات طموحة ([16]) .
ان المجتمع المدنى هو مجموعة من التنظيمات التطوعية  التى نشأت ارادياً لتمللآ المجال العام بين الافراد والدولة تهدف الى تحقيق مصالح فئات مهمشة فى المجتمع او مصالح اعضائها وهى تلتزم فى ذلك باطار قانونى يوفر لها الاستقلال الذاتى وتنهج استناداُ على قيم التراضى والتسامح وقبول الاخروتلتزم بالادارة السلمية للاختلافات سواء داخل المنظمة او بينها وبين المنظمات الاخرى ،او مع الدولة" ([17]).وان اهم المعايير التى تحدد منظمات المجتمع المدنى هي عدم السعى الى الربح وتواجد عنصر التطوع الاستقلالية الذاتية توافر اطار هيكلى او تنظيمى للحكم عدم الانخراط فى السياسة ومساندة مرشحين وغيرها من الامور و تحقيق الصالح العام  ([18]).
ومن اهم السمات التى تميزها الفعل الارادى والتطوعى والبعد التنظيمى الذى يؤدى الى توافق مجموعة من الارادات على تأسيس منظمة وفقاً للقانون و تحقيق المنفعة الكلية للمجتمع والدفاع عن قضيه ، فضلا عن قبول الاخر ، وتقابل الاختلاف والتنوع بكافة اشكاله واحترام الحقوق والحريات والثقافة والممارسة المدنية ([19]).
اهتمت قمه جنيف عام 2003 بموضوعة العلاقة بين تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالنوع الاجتماعي ،ةكيفيه استخدام التكنولوجيا في عمليه التنمية ، فضلا عن تدعيم دور مؤسسات المجتمع المدني في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان ، ودفع عمليه التنمية في اطار تكنولوجيا المعلومات والاتصال ، اذ اكد ان الية ادارة مجتمع المعرفة وتكوين الرؤيه التنموية لمجتمع المعلومات تتطلب توفير بيئة ممكنة يشكل مجتمع المعلومات احد اهم مقوماتها ، فضلا عن تناول الدور المحتمل لمنظمات المجتمع المدني  العربية في تحقيق الرؤية التنموية لمجتمع المعلومات، كالضغط بإتجاه جعل التنمية محور وهدف بناء مجتمع المعلومات، إستخدام التكنولوجيا لتسريع عملية التنمية، من خلال تحسين نوعية الخدمات الإجتماعية وتعزيز إستدامتها وتوفير فرص العمل وتخفيض معدلات الفقر ودعم الفئات المهمشة، مع التركيز على قضايا المرأة والجندر، والمعوقين وتحديد علاقتها بالتكنولوجيا، وجعل تكنولوجيا المعلومات والإتصالات معروفة ومتاحة وسهلة المنال من قبل عامة الشعب بغض النظر عن النوع الإجتماعي (الجندر)، والعمر، والدين، والإنتماء العرقي، والوضع الإجتماعي، والتأكد من وصول الحواسيب وشبكات الإنترنت إلى مختلف فئات المجتمع عبر توفير بدائل ذات تكلفة منخفضة، هذا فضلاً عن تمكين دور المرأة في عملية التنمية من خلال تكنولوجيا الإتصال والمعلومات، وتطويع هذه التكنولوجيا وفق إحتياجات الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ([20]).
ازدادت وتيره العولمة الكونية والعولمة المعلوماتية بشكل كبير خاصة من منتصف التسعينات ، اذ تخلق الاهداف الانمائية للالفية الجديدة وفق وفاق دولي جرى برعاية الامم المتحدة ، وانبثقت اهداف ومبادئ تؤكد زيادة اتاحة المعلومات وتحطيم القيود التى تحد من سهولة مرور المعلومات بالاضافة الى بناء شراكة حقيقية بين كل من المجتمع المدنى والحكومة والقطاع الخاص  كل ذلك اعطى العديد من منظمات المجتمع المدنى  في ان تمارس ضغوطاً من اجل اتاحة لمعلومات  وبذلت العديد من الجهود من اجل اتا حة المعلومات ([21]).
يشترك كل من المجتمع المدني ومجتمع المعرفة في انهما اصبحتا مفردة مهمة من مفردات السياسة العالمية الجديدة ، وان كل منهما يهدف الى تحقيق التنمية في المجتمع بكل مجالاته ، والمجتمع المدني يهدف الى تحقيق التنمية الشاملة من خلال الاستفادة من الامكانيات والقدرات التي وفرها مجتمع المعرفة ، وبالتالي فان هدف التنمية الي تنشده منظمات المجتمع المدني من خلال بناء مجتمع المعلومات واستخدام التكنولوجيا ، ومن خلال جمله من الفعاليات والانشطة التي تسرع عملية التنمية ، ولكن هناك معوقات تقف امام الترابط والتكامل في العلاقة منها ضعف البنية المعلوماتية لمنظمات المجتمع المدني وعدم امتلاكها لرؤية موحدة وواضحة لمجتمع المعرفة ([22]).
لتحقيق بنية اتصالات قوية وامنة قادرة على دعم بناء مجتمع المعلومات  ودعم المعلوماتية داخل منظمات المجتمع المدنى  وجعله اكثر فاعلية ودينامكية يتحقق من خلال تحديث وتطوير وتوسيع شبكة الاتصالات الرقمية ، وان يتمكن المجتمع المدني من توظيفها والاستفادة منها ، ومن هنا تاتي اهمية ربط المنظمات المدنية من خلال شبكة معلوماتية وربط منظمات المجتمع بالاجهزة المعلوماتية ، وربط منظمات المجتمع المدني مع بعضها من خلال شبكة الانترنيت ، ورفع كفاءة العاملين في المنظمات المهنية والمعلوماتية والتقنية من خلال الدورات  ([23]).
يشكل المجتمع المدني رأس المال الإجتماعى ومكون من الأفراد والمنظمات الذين يتصفون بالجهود المبذولة بدون - طلب الربح باستقلالية عن السلطات والأحزاب السياسية والعمل التجارى والبرامج الدينية. كما انها تهيئ الرأى العام والوعى الإجتماعى بقضايا التضامن والمساواة والتعددية الثقافية والبيئة والمشاركة السياسية ،ووفق دراسات للأمم المتحدة (عام 2000) ان مساهمة منظمات المجتمع المدنى فى الدخل القومى فى الدول الصناعية المتقدمة تتراوح بين 8 الى 14 % وهى متدنية فى البلدان العربية وقد لا تصل فى احسن الحالات الى 3 %. وتحقق منظمات المجتمع المدنى بإيطاليا – مثلا – 5 % من فرص التشغيل و 4 % من اعتمادات المجهود الوطنى و ينتظر ان يتضاعف هذا المردود من خلال توظيف تقنيات الإتصال الحديثة والذى يتطلب الأرضية الملائمة والقوانين الميسرة و الحد الأدنى من الإستثمار.
وتهتم منظمات المجتمع المدنى بالإعلام والإتصال منذ حوالى 30 سنة والذى كان احد مواضيع لجنة اليونيسكو المختصة المكلفة عام 1977 ببحث القضايا المطروحة على الساحة آنذاك وتم استنباط معالم العولمة الإقتصادية وانعكاساتها والعلاقة بالنظام الإعلامى العالمى ومنها تم التوصل لمجموعة استنتاجات بهدف بناء المجتمع الإعلامى الجديد وعلاقة هذا بمنظمات المجتمع المدنى. وكان من مظاهر تلك العلاقة مشاركة وسائل الإعلام فى التنمية وتدعيم السلم والتفاهم الدولى وتجنب العنف والعنصرية والحروب.
و ان مكونات القطاع الإعلامى يصب فى صلب المجتمع المدنى ، وهناك أراء بتنسيب مكونات القطاع الإعلامى الى القطاع العام نسبة لإرتباط معظم وسائل الإعلام للإحتكار الحكومى وهذا سائد فى معظم البلدان النامية ، وهناك من يعتقد ان وسائل الإعلام تعتمد على قواعد السوق وأقرب لقطاع الأعمال ولا يمكن التفريق بين مؤسسة اعلامية وأخرى تجارية.
ولعل مجتمع المعلومات الحالى يبلور مفهوم الإعلام الجماهيرى بصلته بكل مظاهر النمو وربط المواطن بقضايا التنمية وجعله طرفا فاعلا فى الحياة السياسية  ومن ثم التاكيد على ارتباط مجتمع المعلومات بمجتمع المعرفة بوصف إن النشاطات القائمة على الإنتاج المعرفى هى النشاط العادى للإنسان وعماد مستقبله ، و ان صناعة وتسويق واستخدام الوسائل الحديثة للتسجيل والإتصال والحواسيب وبنوك المعلومات هى الدلالات التى سيقوم عليها المجتمع الجديد ([24]).
ولتاكيد الدور الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدنى فى بناء مجتمع المعلومات بان الأسس الثابتة التى يرتكز عليها عملها مكنها من الوصول للمجموعات السكانية وكسب ثقتها. وأدى هذا الى كسب ثقة تلك المجموعات ومن خلال استغلال التقنيات الحديثة للمعلومات والإتصالات عملت على تحسين أنشطتها الرئيسية والتواصل بكفاءة مع الجمهور ،ومن النشاطات التي يمكن ان تضطلع بها منظمات المجتمع المدني الذي يعد امتدادا للإقتصاد الإجتماعى الذى يهدف لنشر الوعى وتنمية اقتصاد الأسرة وتأهيل ذوى الإحتياجات الخاصة ، والمساهمة فى اكشاف المهن الجديدة ورفع تحديات التشغيل الشراكة فى مجال البحث العلمى ، اذ ان ذلك سيعين على ظهور فرص جديدة واسواق جديدة مبنية على المعرفة والإبداع. سيؤدى هذا لتوسيع فرص العمل.
ومن النشاطات الاخرى لمنظمات المجتمع المدني زيادة عن دورها في تكييف العلاقات الاجتماعية واشاعة التفاعل بين المواطن والحكومة الالكترونية ، ويؤدي المجتمع المدني دوره من خلال اللقاءات والمؤتمرات الدوليه ، زيادة على ان تعزيز  الحوار بين الحضارات اصبح مسوؤلية مشتركة يعمل بها صانعوا القرار من جهة والنخب الفكرية والاعلامية ومختلف مكونات المجتمع المدني([25])

توصيات
أما في مجال الحريات المدنية والسياسية، فيجب إفساح المجال للمجتمع المدني عبر إتاحة حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الخاصة بكافة أنواعها، وإنهاء كافة أشكال الرقابة والحد من حرية الرأي والتعبير وحماية الحق في تداول المعلومات وتدفعها، وتوسيع هامش الديمقراطية الذي يسمح بالتنوع والتغييروالإختلاف ([26]).

          * يستوجب تسخير التكنولوجيا والمعرفة لتسريع التنمية وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة.
* التصدي إلى القضايا المتعددة المتعلقة بمجتمع المعلومات هو أمر في غاية الضرورة. 
* كما أنه من الأهمية القصوى أن تتعاون كل الأمم وتعمل على وضع مفهوم ورؤية مشتركة لمجتمع المعلومات وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية. 
* لذلك، يصبح انعقاد قمة عالمية لمجتمع المعلومات أمراً على غاية كبيرة من الأهمية ([27]).
* التأكيد على الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص  والتوسع فى إنشاء مراكز المعلومات والتوثيق و تشجيع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى فى العمل على تجميع وفهرسة البيانات والمعلومات والربط بين قواعد البيانات الخاصة بشركاء المجتمع المدنى([28]).








الهوامش


[1] الطريق إلى "مجتمع المعرفة" ندوة عقدها المجلس الاعلى للغة العربية .
[2] امانى قنديل- سلسلة كتيبات الاعلام والمجتمع المدنى شركاء من اجل التنمية - الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والمركز الثقافى البريطانى/2007.

[3] الطريق إلى "مجتمع المعرفة" ندوة عقدها المجلس الاعلى للغة العربية .
[4] امانى قنديل- سلسلة كتيبات الاعلام والمجتمع المدنى شركاء من اجل التنمية - الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والمركز الثقافى البريطانى/2007.

[5]  المصدر نفسه .
[6] المؤتمر الإقليمي العربي – نحو مجتمع معلومات أكثر عدالة ،عمان ، 15 أيلول / 2004 ، نظمته مؤسسة هنريش بل الألمانية بالتعاون مع المعهد الدولي لتضامن النساء .

[7] الطريق إلى "مجتمع المعرفة ندوة عقدها المجلس الاعلى للغة العربية .
[8] المؤتمر الإقليمي العربي – نحو مجتمع معلومات أكثر عدالة ،عمان ، 15 أيلول / 2004 ، نظمته مؤسسة هنريش بل الألمانية بالتعاون مع المعهد الدولي لتضامن النساء .

[9] المؤتمر الإقليمي العربي – نحو مجتمع معلومات أكثر عدالة ،عمان ، 15 أيلول / 2004 ، نظمته مؤسسة هنريش بل الألمانية بالتعاون مع المعهد الدولي لتضامن النساء .

[10] كريم أبو حلاوة ،أين العرب من مجتمع المعرفة .
[11] المؤتمر الإقليمي العربي – نحو مجتمع معلومات أكثر عدالة ،عمان ، 15 أيلول / 2004 ، نظمته مؤسسة هنريش بل الألمانية بالتعاون مع المعهد الدولي لتضامن النساء . ورقة بعنوان (في عصر الانتقال من القلق الفكري الى القلق الوجودي ،تقدم بها حبيب معلوف .

[12] توضيحيةصادرة عن مؤتمر غربي آسيا التحضيري للقمة العالمية لمجتمع المعلومات ،بيروت، بيت الأمم المتحدة،4-6 شباط 2003
[13] مذكرة توضيحية صادرة عن مؤتمر غربي آسيا التحضيري للقمة العالمية لمجتمع المعلومات ،بيروت، بيت الأمم المتحدة،4-6 شباط 2003

[14] عبد الرحيم أحمد بلال ، المجتمع المدني والقوة المعرفية .
[15] اماني قنديل ، تفعيل دور المنظمات غير الحكومية المعنية بالشباب في مصر ، الشبكة العربية للمنظمات الاهلية 2007 .
[16] امانى قنديل/تفعيل دور المنظمات غير الحكومية المعنية بالشباب فى مصر/الشبكة العربية للمنظمات الاهلية/2007 .
[17] امانى قنديل- سلسلة كتيبات الاعلام والمجتمع المدنى شركاء من اجل التنمية - الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والمركز الثقافى البريطانى/2007.
[18] المصدر نفسه .
[19] امانى قنديل- سلسلة كتيبات الاعلام والمجتمع المدنى شركاء من اجل التنمية - الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والمركز الثقافى البريطانى/2007.
[20]  المؤتمر الإقليمي العربي – نحو مجتمع معلومات أكثر عدالة ،عمان ، 15 أيلول / 2004 ، نظمته مؤسسة هنريش بل الألمانية بالتعاون مع المعهد الدولي لتضامن النساء .
[21] امانى قنديل- سلسلة كتيبات الاعلام والمجتمع المدنى شركاء من اجل التنمية - الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والمركز الثقافى البريطانى/2007.           
[22] المصدر نفسه .
[23] المصدر نفسه .
[24] مصطفى المصمودي ، دور تكنولوجيا المعلومات والأعمال في بناء المجتمع المدني ، محاضرة  أعدها المركز القومى للمعلومات .
[25] المصدر نفسه .
[26] المؤتمر الإقليمي العربي – نحو مجتمع معلومات أكثر عدالة ،عمان ، 15 أيلول / 2004 ، نظمته مؤسسة هنريش بل الألمانية بالتعاون مع المعهد الدولي لتضامن النساء .
[27] مذكرة توضيحية صادرة عن مؤتمر غربي آسيا التحضيري للقمة العالمية لمجتمع المعلومات ،بيروت، بيت الأمم المتحدة،4-6 شباط 2003 .
[28] امانى قنديل- سلسلة كتيبات الاعلام والمجتمع المدنى شركاء من اجل التنمية - الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والمركز الثقافى البريطانى/2007.


أهم المشاركات